IMLebanon

بعد مقابلته الأخيرة.. هل فقد عون دور الحَكَم؟

في مقابلته التلفزيونية الأخيرة مساء الثلثاء، قال رئيس الجمهورية ميشال عون ردا على سؤال عن موقف المجتمع الدولي من تمثيل حزب الله في الحكومة العتيدة إن “الحزب يدافع عن نفسه لأنه موجود. ولا يمكن أن يفرض أحد علينا استبعاد حزب يشكل على الاقل ثلث الشعب اللبناني. وأنا اقول لا تعتدوا علينا ونحن بالتالي لا نعتدي على أحد”. وردا على سؤال عن الاستراتيجية الدفاعية، سأل عون “ضد من يجب أن أحدد استراتيجية الدفاع، فروسيا واميركا والصين واسرائيل جميعها هنا. فمن هو حليفي وأنا بلد صغير”؟ ولفت الى ان “ما يطلب من لبنان امور لا يمكنه القيام بها، وتعجيزية وغير مقبولة”. وأكد ايضا ان ردا على سؤال أن “حزب الله” ملتزم بتطبيق القرار 1701 ولم يطلق رصاصة واحدة ضد اسرائيل، وهو لا يتدخل في المواضيع الداخلية، وما فرض على حزب الله عبر الحصار المالي فرض على كل اللبنانيين”.

بحسب ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”، إن مواقف رئيس الجمهورية هذه كلها لا يمكن اعتبارها الا تبنيا “رئاسيا” مطلقا لوجهة نظر فريق لبناني على حساب آخر. وهنا، الفريق الآخر، ليس حزبا سياسيا او مكونا معينا، بل يمثل شريحة واسعة من اللبنانيين، اجتمعوا في قالب “17 تشرين” العابر للطوائف والمذاهب والاحزاب والاصطفافات التقليدية. ففي ما يخص الحكومة المنتظرة، ان المنتفضين الذين نزلوا الى الشارع منذ 29 يوما، مطالبين باستقالة الحكومة وبرحيل الطبقة الحاكمة “كلّها يعني كلها”، نادوا بتشكيل حكومة مؤلفة من شخصيات تكنوقراط اختصاصيين مستقلة تماما عن الاحزاب، تتولى انقاذ الاقتصاد من جهة والاعداد لانتخابات نيابية مبكرة ولاستعادة الاموال المنهوبة، من جهة ثانية. وذلك يعني، تضيف المصادر، ان اللبنانيين أنفسهم، قبل اي اطراف اقليمية او دولية، يرفضون إشراك اي حزب كان، في الحكومة الجديدة.

في المقابل، “حزب الله” هو من يسوّق نظرية ان الغرب يريد اقصاءه من الحكومة لعزله واستهدافه. وقد أتت على لسان اكثر من مسؤول في الحزب، ومنهم نائب رئيس المجلس التنفيذي فيه الشيخ علي دعموش، الذي شدد منذ ايام على أن الحراك الشعبي المطلبي العفوي المعبّر عن معاناة الناس اجتماعيا واقتصاديا ومعيشيا تم اختطافه ويتم توظيفه من قبل قوى وجهات محلية وإقليمية ودولية لخدمة أهداف سياسية وفرض أجندات معينة. واعتبر ان “أميركا وحلفاءها يريدون قلب الموازين السياسية في البلد وتغيير المعادلة الداخلية وإعادة تشكيل السلطة في لبنان لمصلحتهم ولذلك دفعوا نحو استقالة الحكومة واستغلوا الحراك الشعبي وقاموا بقطع الطرق وشل البلد خلال الايام الماضية لفرض شروطهم السياسية لتشكيل الحكومة وفرض حكومة تكنوقراط من خلال الشارع”، وتابع “المطلوب أميركيا الإتيان بحكومة يسيطر عليها الأميركي ويتحكم بعناوينها وأولوياتها السياسية وتنفذ أجندة سياسية أميركية وأكد ان “حزب الله يرفض تغيير المعادلة السياسية في لبنان ولا يقبل بتغيير وجه لبنان السياسي”.

وفي اعلان رئيس الجمهورية انه يريد حكومة تكنو – سياسية، انما بدا يصطفّ في شكل كامل، في “خندق” حزب الله. لكن هذا التموضع لم يَظهر فقط “حكوميا” بل ايضا في تبنّيه حقّ حزب الله في امتلاك السلاح “للدفاع عن نفسه”، وفي تفضيله ترك مسألة “الاستراتيجية الدفاعية” التي من شأنها تحديد مصير هذا السلاح، على الرف في الوقت الراهن.

وامام هذه الحقيقة، تقول المصادر ان تحوّل بعبدا الى طرف في الكباش الدائر داخليا، بدل ان تلعب دور “الحكم”، ستكون له آثار سلبية على الحلول المطلوبة، وستعقّد مسار معالجة الازمة المستفحلة في البلاد. فهل يعود الرئيس عون الى لعب دور “بي الكلّ”؟