IMLebanon

لا حكومة إلى ما شاء الله! (بقلم رولا حداد)

يعيش المسؤولون السياسيون في لبنان في “كوما” حقيقية بحيث يبدون وكأنهم لا يدرون ماذا يجري من حولهم، وتحديداً على صعيد الانهيار المالي والاقتصادي الذي غرق فيه لبنان. هكذا يحجمون عن المبادرة إلى تشكيل حكومة فوراً ومن دون أي إبطاء لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

هكذا بدا سيناريو التوافق على تسمية الوزير السابق محمد الصفدي هشّاً إلى درجة غير مقبولة، لا بل بدا بمثابة تلاعب سياسي بهدف إضاعة المزيد من الوقت على لبنان واللبنانيين. فلا الرئيس سعد الحريري كان جاداً في تسمية الصفدي، ولا الثنائي الشيعي يريد أحداً غير سعد الحريري، وبالتالي فإن “مزحة” التوافق على الصفدي لم تدم لأكثر من 48 ساعة، قبل أن يتنصّل منها صاحب العلاقة نفسه.

ما المطلوب إذا؟ وما هي المعادلة اليوم؟ المعادلة ببساطة هي أن “حزب الله” وحركة “أمل” يصرّان على بقاء الرئيس سعد الحريري على رأس الحكومة الجديدة، وذلك لاعتبارات عدّة أهمها علاقاته العربية والغربية وقدرته على التواصل مع دول القرار في العالم في مرحلة تشتد فيها الضغوط والثورات بوجه الحزب وإيران، من بيروت إلى طهران مروراً ببغداد. في المقابل لا يمانع الحريري في العودة إلى السراي مجدداً، لا بل يرغب ضمنياً بذلك وقد بدا الأمر واضحاً حتى في بيان استقالته.

ما المشكلة إذا؟

المشكلة تكمن في أن الثنائي الشيعي يريد الحريري رئيساً لحكومة تؤمّن مصالح الحزب في مواجهته مع واشنطن، وتحديداً رئيساً لحكومة يشارك فيها الحزب بشكل مباشر نع أبرز حلفائه للتأكيد أنه لم ينكسر باستقالة الحكومة السابق وبأنه مستمر في المواجهة. في المقابل يدرك الحريري أنه لا يستطيع أن يشكل حكومة يشارك فيها الحزب أو حلفاؤه بشكل مباشر، لأنه بذلك يُدخل لبنان في مواجهة خطرة جدا وغير محسوبة النتائج على الصعيد الدولي والمالي، كما أن مثل هذه حكومة ستعني حتماً إعادة اشتعال الثورة الشعبية وبالتالي سقوط الحكومة مجدداً. بناء على ذلك يجد الحريري نفسه أمام خيار وحيد في حال أصرّ المعنيون على تسميته، وهو خيار تشكيل حكومة مصغرة من التكنوقراط بعيداً عن المحاصصة الحزبية.

عند هذا الحد يبدو الوضع الحكومة عالقاً في دائرة المراوحة القاتلة بفعل “حكومة ما شاء الله” أو لا حكومة إلى ما شاء الله: لا حكومة من دون الحريري، ولا حكومة كما يريدها الحريري، ولا حكومة بعكس ما يريدها الحريري!

وهكذا يبدو أن الفراغ بات قدر لبنان القاتل، وهذه المرة سيكون قاتلاً حتماً في ظل الموت السريري مالياً واقتصادياً، ما يشي بقرب الانفجار الكبير!