IMLebanon

النبطية تنتظر “بوسطة الثورة”.. وابنة الجنوب تثور بقلب جامد

كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:

إستقرت بورصة ثورة النبطية على تظاهرة الأحد وبعض الأنشطة الخجولة في سياق الأسبوع، تفرّق شمل المتظاهرين ميدانياً، لكنهم اجتمعوا على مطالبهم المعيشية. فيوم السبت شهد الحراك انقساماً في كفررمان والنبطية، بين مؤيد لبوسطة الثورة ومعارض لحضورها.

رفض حراك كفررمان دخول البوسطة لغياب التنسيق مع المنظمين، فيما انتظرها حراك النبطية لساعات قبل أن تعلن توقف رحلتها في صيدا. وانسحب سجال البوسطة على الساحة فشهدت توتراً، قبل أن تقفل الصفحة لتنطلق بأخرى نضالية جديدة.

واقترح المنظمون أن المرحلة الجديدة للمرأة، التي شكلت على مدى شهر من عمر الثورة نبضها، عصبها وروح صمودها، إذ غطت الأخبار قضايا المرأة في الساحات الجنوبية، بحيث صرخت بـ “لا” في وجه المحاكم الشرعية، فأمسكت بزمام الثورة، طالبت بقضاياها التي تبدأ بالحضانة ولا تنتهي بالسياسة، وسارت على خط تغيير النهج الاقصائي لها. بكل عدتها وعتادها خرجت ابنة الجنوب للتظاهرة. شاركت بادية في التحركات، وهي الأم التي حُرمت من ابنيها قبل 12 عاماً، وباتت تسرق أخبارهما من سيدات الثورة. تلتحف بادية في المسيرة برداء “بدي ولادي”، ترمي جام غضبها على “فساد المحاكم الجعفرية” وتقول: “هذه المحاكم حرمتني أولادي، وآن الأوان لتغيير هذه البوتقة”.

هي واحدة من مئات السيدات اللواتي رسمن قصصهن على جدران فساد السلطة، وكان شعارهن “المرأة ثورة، والثورة إمرأة”. تقدمن تظاهرة النبطية، بصيحات: “بيكفي قهر وحرمان، صرنا بزمن التغيير”. إن الوطن “وضع المرأة في الأسر وراء قيود وقوانين غير مقبولة، حرمهن أبسط حقوقهن”، وفق ما يقول ابراهيم الشاب العشريني الذي سار بمحاذاة يارا، الشابة التي خرجت لتدافع عن حق أمها بعدالة مجتمعية، وعمل، وحقها بقانون يحميها: “أمي مزارعة تبغ، هي واحدة من مئات يعملن في اللقمة المرّة، يتعبن ويكدحن عاماً كاملاً من دون الحصول على حقوقهن، فلا يوجد أي قانون يحمي المرأة المزارعة، وفي نهاية المطاف يُسرق تعبها من قبل الريجي، بسبب الأسعار المجحفة، خرجت لاطالب بحق أمي والكثيرات”.

شعارات مطلبية جمّة رفعت في سياق التظاهرة، حقوق مشروعة حملها المتظاهرون من كفررمان باتجاه النبطية. يسأل ابو ابراهيم سائق أجرة، قرر المشاركة في التظاهرة، “شو سر هذا الغلاء؟ بتنام ع شي وبتوعى ع شي، الا المواطن صار ما شي”. ويعتب على كثر لم يصرخوا ولم يدفعهم البؤس إلى الصراخ.

بعيداً من ضجيج الساحة، كان صوت الغلاء يعلو من أسواق المدينة، ووجع الناس يتفاقم من لغة الإضراب المتعمد للمصارف. يصرخ وفيق بغضب وهو الذي حاول مراراً وتكراراً سحب ما تبقى من راتبه ليكمل الشهر وفشل، يقول: “المصارف تتلاعب بنا، لماذا هذا الإقفال غير المبرر؟”.

بموازاة صرخة الناس على أبواب المصارف، كانت الصرخة تتزايد أكثر على أبواب الملاحم والافران والمتاجر الكبيرة، كان صوت غلاء اللحوم يغطي على ما عداه، لم نستوعب بعد صاعقة غلاء السلع الاستهلاكية بسبب لعبة الدولار، حتى هلّت علينا زيادة الـ 5000 ليرة على كيلو اللحمة “وعيش يا فقير”، بقهر يتحدث ابو محمد عن معاناته: “شو ناطرين بعد هالناس لتصرخ، والله كفّرونا، وجوّعونا، بدن يانا نسرق كرمال يحبسونا”.

وأم علي دخلت حياة البطالة بعدما قرر صاحب العمل حيث تعمل ايقافها مع عدد من زملائها، فخرجت إلى التظاهرة تصرخ “بدي حقي، انا أم وربة منزل، من يضمن حقي من صاحب العمل إلى متى الاستخفاف بحقوقنا؟ لا عقود عمل ولا تأمين، وكل شيء بيد صاحب العمل، أين كرامتنا؟”.

إنتهت التظاهرة في كفررمان، ولكن مسيرة النضال لم تنته، فكل يوم تشهد ساحات النبطية حراكاً ثقافياً هادفاً، وسط تأكيد الجميع أن أحداً لن يخرج من الساحة قبل تحقيق المطالب، وإلا فالتصعيد هو الذي سيتكلم.