IMLebanon

الحزب والمحاولات اليائسة! (بقلم رولا حداد)

يبدو أن “حزب الله” انتقل إلى الخطة “ب” في التعاطي مع الثورة، بعدما فشلت كل سيناريوهات الخطة “أ” في مواجهة هذه الثورة. وكانت سيناريوهات الخطة “أ” تجلت أولاً في محاولات التيئيس في الخطاب الأول للسيد حسن نصرالله (يومين وبتتعبوا وبتطلعوا من الساحات) ومحاولات الترهيب في كلامه (الشارع مقابل الشارع وإذا نزل “حزب الله” عالشارع ما بيعود يطلع)، وأيضاً في إرسال مجموعات ميليشيوية للاعتداء على المتظاهرين على جسر فؤاد شهاب- الرينغ تكرارا وبطريقة مقيتة وفي ساحتي الشهداء ورياض الصلح وصباح عيد الاستقلال عبر إحراق مجسّم الثورة في ساحة الشهداء، كما لم تنفع ضمن هذه السيناريوهات دفع الجيش لقمع اللبنانيين. لكن كل تلك المحاولات لم تنفع في إحباط عزيمة الثوار.

انتقل بعدها الحزب إلى الخطة “ب”، والتي تنص ببساطة على محاولة اختراق الثوار لشق صفوفهم. جرت محاولات عدة لدفع القوى الأمنية إلى الاصطدام بالثوار من خلال إرسال مندسين لمهاجمة القوى الأمنية والانسحاب بعدها، وذلك لدفع القوى الأمنية للاشتباك مع المتظاهرين.

أما العمل الأبرز فيتمثل في المرحلة الأخيرة في محاولة حرف الثورة عن مطالبها المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والمالية المحقة في اتجاه العودة إلى معزوفات “دعم المقاومة” وإحراق الأعلام الأميركية والإسرائيلية، واستدراج البعض بنوستالجيا موروثة إلى التظاهر أمام السفارة الأميركية في عوكر، في حين أن السفارة الأميركية أبدت تعاطفاً في بياناتها مع مطالب الثورة، في حين أن من اعتبر الثوار مجموعة من المشاغبين الذين يجب التعامل معهم على هذا الأساس كان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي وليس الرئيس الأميركي دونالد ترامب!

هكذا يسعى الحزب بكل ما أوتي من قوة على محاولة شق صفوف الثوار من داخلهم، أولاً عبر حرف شعارات الثورة وتوجهاتها الوطنية الصائبة، وعبر نبش شعارات قديمة لليسار القديم، ليست مطروحة أبداً على بساط البحث اليوم، في محاولة لاستفزاز الآتين إلى الثورة من المقلب الآخر والمتعاطفين معها في لبنان وكل الدول الغربية. لكن هذه المحاولات لم ولن تنفع في التفرقة بين اللبنانيين الثائرين من مختلف المناطق والمذاهب والانتماءات بعدما وحّدهم العلم اللبناني الذي يزيّن ساحاتهم، وبعدما وحّدهم الوجع نتيجة الكوارث المالية والاقتصادية والاجتماعية.

يسعى “حزب الله” من حيث لا يدري إلى إعادة التأكيد بأنه يستحيل على الثورة أن تنجح من دون معالجة خلل أساسي يعترض قيام دولة حقيقية، خلل يتمثل في استمرار وجود سلاح غير شرعي يشكل غطاء لكل الموبقات التي تجري في لبنان على يد الطبقة السياسية التي بات الحزب شريكا لها لحاجته إلى أمرين: الأول هو الغطاء المستمر لسلاحه ومشاريعه الإقليمية، والثاني هو الحاجة إلى تمويل بديل بعدما سدّت العقوبات الأميركية كل المنافذ المالية بوجهه، فبات يحتاج لأن يكون شريكاً مضارباً للطبقة السياسية.

الثابتة الوحيدة أن لبنان ما بعد الثورة لا يمكن أن يكون كما قبله، لكن “حزب الله” الذي كانت تلائمه وضعية ما قبل 17 تشرين الأول يحاول أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء من دون جدوى رغم كل محاولاته اليائسة!