IMLebanon

حاجز الخوف انكسر.. الترهيب لم يُجدِ مع صور

كتبت مريم سيف الدين في صحيفة “نداء الوطن”:

للّيلة الثالثة على التوالي أرسلت أحزاب العهد مجموعات من مناصريها لقمع المنتفضين بوجه كل أركان السلطة والمطالبين بتشكيل حكومة تتعارض مع مصالح الأحزاب. وبعد أن شاهد مناصرو “التيار الوطني الحر” مناصري حلفائهم وهم يحاولون فض المتظاهرين بالقوة، توجهت مجموعة منهم للاعتداء على المتظاهرين على طريق القصر الجمهوري في بعبدا. أما صور التي تعرضت لاعتداء من مناصري “أمل” و”حزب الله” وإحراق خيم ثوّارها قرب ساحة العلم، فقد استنهضت هممها وتابعت ثورتها. بينما عانى الثوار في بعلبك من اعتداءات الجهات نفسها ومحاصرتها لهم.

مشهد يوحي بأن الاعتداءات ستتكرر في الأيام المقبلة، ويظهر أنها ترتكب بتشجيع ودعم من الأحزاب التي تتولى أجهزتها التحريض ضد المتظاهرين، وترى المعتدين ينطلقون بأسلحتهم من عقر دارها باتجاه أهدافهم. الأمر الذي يطرح تحدّياً أمام الثوار حول كيفية تجاوز وتخطي المواجهة التي تفرضها عليهم هذه الأحزاب. فهم يصرّون على سلمية تحركاتهم وعلى عدم الانجرار إلى اللعبة التي يحاول “حزب الله” وحلفاؤه جرّهم إليها، معتبرين أن إفشال مخطط “الحزب” وغيره يكمن في عدم الإنجرار إلى لعبته، “لعبة العنف”.

الثورة وأدوات جديدة

في حديث إلى “نداء الوطن” يعترف ماهر أبو شقرا، من مجموعة “لحقي”، أن “الانتفاضة الثورية” لم تطوّر الأدوات التي تستخدمها. “فبعد تحقيق مطلب استقالة الحكومة بتنا بحاجة لأدوات جديدة غير تلك التي استخدمت لاسقاطها”. ويرى أن الثورة فرضت انقسام الناس عن السلطة، بينما تحاول السلطة فرض انقسام آخر بالقول إن الثورة ضد المقاومة، وفي الوقت نفسه تحاول حل أزمتها وتشكيل حكومة”.

مواجهة هذه الحال تكمن في تطوير الثوار للأدوات التي يستخدمونها في مواجهة السلطة، وفق أبو شقرا. ومن هذه الأدوات التنظيم في المناطق خارج بيروت وتنظيم العاملين وفق القطاعات، “فهي الطريقة للمحافظة على طبيعة المواجهة. ويبدو أن الأحزاب تعمل على فض التحركات في المناطق لضرب هذا التنظيم”. ويدرك الثوار المتمسكون بسلمية تحركاتهم، باعتبار السلمية نقطة قوة لهم وضعف الأحزاب، وأن المسألة تتطلب جهداً. من هنا يظهر ميل أبو شقرا لتعزيز المسيرات بدل التجمع في الساحات، “فالتجمع في ساحات يسهّل الاستهداف، ولا يجب أن يكون المبدأ التمسك بالساحة والدفاع عن أرض. حان الوقت لأن نخرج نحن إلى الناس، وأن نبحث عن أدوات جديدة”.
وفي حين يفترض بالمجموعات التنسيق في ما بينها لتأمين التضامن المطلوب لمواجهة الاعتداءات المنظمة، فإن مسألة التنسيق أكثر تعقيداً مما تبدو، بل ويراها أبو شقرا شبه مستحيلة في ظل هذه الظروف وقبل التنظيم في المناطق وفي القطاعات. وبالنسبة إليه من المهم تحديد المجموعات التي يجب التنسيق معها. إذ قد يسمح التنسيق مع جميع المجموعات للأجهزة الأمنية والأحزاب بالتسلل إلى اللجان وفرض أجندتها. ويشترط أبو شقرا توافر قاعدة تعبّر عن الأرض لدى المجموعات للتنسيق معها، وهو شرط لا يجده لدى جميع المجموعات. أما التنسيق الموجود حالياً بين المجموعات في مناطق أخرى فالهدف منه معرفة حقيقة ما يجري، وسط تدفق الأخبار الكاذبة.

صور نموذجاً لمواجهة البلطجة

وسط كل الاعتداءات، تشكّل صور نموذجاً لتحدي البلطجة. فهي المدينة التي واجه ثوارها الرّصاص الحيّ أول أيام الثورة. كذلك واجه ثوارها بسلمية هجمة مناصري “أمل” و”حزب الله” على خيمهم وإحراقها وتكسيرها، أمس الأول. وأصروا كذلك على إعادة نصب الخيم وإكمال اعتصامهم وتظاهراتهم. ويؤكد الدكتور خالد العزي لـ”نداء الوطن” إصرار المتظاهرين في صور على الثبات في الساحات: “كل الغزوات لا تؤثر على المتظاهرين. والجيش يؤمن الحماية الكافية عندما يصل. لكنّ الغزوات تتم في أوقات لا يتواجد فيها الجيش بكثرة ويغيب فيها الإعلام. والهدف إيصال رسائل من قبل الأحزاب لتقوية حساباتها في ما بينها أثناء توزيع المغانم”. ويؤكد العزي أن الترويع والترهيب لن يجديا، “فحاجز الخوف انكسر من طهران الى بيروت وواجه الناس اعتداء الأمس بمزيد من الاصرار، وتضامنت مناطق مختلفة مع صور، أتى منها متظاهرون أهدوا ثوار المدينة الخيم. والوضع في صور ممتاز الآن”.