IMLebanon

الاجتماع المالي “حِقَن مخدّرة”.. والعلاج في الاستشارات فحكومة!

في وقت ينتظر اللبنانيون “على نار” اي بيان يصدر عن قصر بعبدا، تحدد فيه رئاسةُ الجمهورية موعدَ الاستشارات النيابية الملزمة، لتكليف شخصية مهمة تشكيل الحكومة العتيدة، بعد قرابة شهر على تقديم الرئيس سعد الحريري استقالته، صدرت عن دوائر القصر دعوة… لكنها لم تكن مخصصة للاستشارات، بل لاجتماع مالي!

ففي ظل الازمات الاقتصادية النقدية المعيشية الحياتية، الآخذة في التفاقم منذ شهور، والتي تتجلى باضراب قطاعات حيوية تارة، وبانقطاع الدولار من الاسواق وتفلّت سعر صرفه تارة اخرى، وبغلاء يصيب السلع والمنتجات كلّها، وبصرف موظفين وتقاضيهم رواتب ناقصة طورا، باتت البلاد تقف اليوم على شفير انفجار اجتماعي وكارثة اقتصادية كبرى.

امام هذا الواقع الخطير، ارتأى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عقد الاجتماع الذي سيحضره الوزراء في حكومة تصريف الأعمال: المال علي حسن خليل، الاقتصاد منصور بطيش، الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني والدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير، رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود والمستشار الاقتصادي للرئيس الحريري نديم المنلا.

غير ان مصادر سياسية مراقبة تقول لـ”المركزية” ان الخلوة العتيدة ستتمكن في افضل الاحوال، من الخروج بحلول مؤقتة لكل هذه “المصائب”. أما العلاج الحقيقي لها، والكفيل وحده بكبح جماح الانزلاقة الى المحظور، فلن يكون الا بالذهاب الى “أصل” المشكلة، أي غياب حكومة ومعها انعدام الثقة بمستقبل البلاد، والاسراع تاليا في تشكيل مجلس وزراء جديد، وليس اي مجلس، بل من الضروري ان يكون مؤلفا من أصحاب اختصاص وخبرات قادرين على تولي مهمة الانقاذ المنشودة. وكل ما سوى ذلك، تضيف المصادر، مضيعة مكلفة للوقت، ذلك ان اي قرارات ستتمخّض عن الاجتماع، ستكون مراهم سطحية تصيب القشور ومتفرعات الازمة، لا جذورها، سرعان ما ستتلاشى مفاعيلها “التخديرية”.

لكن مع الأسف، تتابع المصادر، لا يبدو ان المأزق الحكومي في طريقه الى الحلحلة قريبا. ووسط التقلبات في اجواء التكليف والتأليف التي تلفحها هبّة باردة فأخرى ساخنة، وارتفاع بورصة هؤلاء المرشحين للترئيس والتوزير صباحا وانخفاضها مساء، الثابت ان لا استشارات في المدى المنظور ولا حكومة. وبحسب المصادر، فإن أهل “الخندق الواحد” اي الفريق الرئاسي والثنائي الشيعي، ليسوا على الموجة نفسها في النظر الى الحكومة المرتقبة ومهامها وطبيعتها، ما يبقي أبواب الازمة مفتوحة. فالاول، في رأيها، يصرّ على تأمين مصالح حزبه السياسية، و”مستقبَلَ” الاخير في اللعبة السياسية و”الرئاسية”، من خلال التركيبة الوزارية العتيدة. ومن هنا يصر على إبقاء رئيس التيار جبران باسيل داخلها ومعه وزراء برتقاليون، او “فليبقَ هو والرئيس الحريري خارجها”.

أما الثاني، ولا سيما حزب الله، فيسعى الى حكومة تحمي ظهره ورأسه في المرحلة الدقيقة التي يمر بها، حيث يتعرّض لاوسع موجة استهداف سياسية واقتصادية، أميركية وعربية واوروبية، ويرى ان الحريري قادر على تأمين المظلة الحامية له، أكثر من اي شخصية اخرى. ويخشى ان تغدر حكومة لا يكون داخلها به وبسلاحه.

وفي وقت يتلهّى اهل السلطة بجنس الحكومة التي يُفترض ان تبصر النور اليوم قبل الغد، ويغرقون في حساباتهم الفئوية الضيقة، الكارثة تقترب والتدهور آت… والاجتماعات المالية لن توقفهما!