IMLebanon

“الحزب” يستجدي الخارج! (بقلم رولا حداد)

لم يعد “حزب الله” يخفي اعتماده على الضغوط الخارجية لمحاولة فرض حكومة في لبنان تكون كما يشتهي بمشاركته المباشرة مع حلفائه.

نعم “حزب الله” الذي يحاضر بعفّة رفض الاستجابة للضغوط الخارجية بات يراهن عليها، لا بل يستجديها لمحاولة إقناع الرئيس سعد الحريري بترؤس حكومة تكنوسياسية ترضي الحزب ولا ترضي اللبنانيين.

في أيام قليلة تجمّعت تصريحات مسؤولي “حزب الله” بشكل مثير للاستغراب. رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم أمين السيد قال: “معلوماتنا تقول أن لا مشكلة لدى الأميركيين في مشاركتنا في الحكومة”.

هكذا بات “حزب الله” كمن يريد أن يطمئن الرئيس سعد الحريري بأن لا مشكلة مع الأميركيين، وكأن الحزب يستعطف الأميركيين عوض أن يكون نظرياً يريد مواجهتهم وكسر ما يريدونه!

قبله كان الوزير محمود قماطي يتحدث عن “نوافذ إيجابية في موضوع تشكيل الحكومة بعد ورود إشارات خارجية إلى الأطراف المعنية”، وكأن الحزب يريد من الأطراف الداخلية الاستجابة الى الضغوط الخارجية، في حين أن الحزب نفسه كان يطالب بـ”حكومة سيادية” تواجه الضغوط الخارجية وفي طليعتها الأميركية!

وبحسب أكثر من مصدر فإن “حزب الله” والإيرانيين طلبوا من الفرنسيين والبريطانيين الضغط على الرئيس سعد الحريري ليقبل بأن تتم تسميته وبتشكيل الحكومة التي تناسب الحزب، في مؤشر فاضح على أن من يستجلب التدخلات الخارجية، والغربية تحديداً، هو “حزب الله” حين يظن أن مثل هذه التدخلات تخدم أهدافه.

ويُجمع العارفون أن محاولة الحزب استجداء الخارج للضغط على الداخل أو استعطافه لتشكيل حكومة يكون فيها شريكاً، إنما ينمّ عن ضعف ظاهر بات يتفاقم جلياً بعد 17 تشرين الأول واندلاع الثورة في لبنان، وبعد التأثير المتمادي لحرب العقوبات عليه، ما جعل الحزب في حاجة إلى حكومة تغطّيه ولا تُظهر انكساره سياسياً بعد استقالة الرئيس الحريري التي أتت بمثابة تحدٍ لإرادة الحزب وأمينه العام الذي كان هدّد بمحاسبة كل من يستقيل.

لكن السؤال الأبرز هو هل يخضع الحريري لطلبات الحزب؟ وهل يستجيب للضغوط الأوروبية ولضغط “حزب الله” وفريق رئيس الجمهورية داخلياً؟

الإجابة عن هذا السؤال لا يمكن أن تكون حاسمة بفعل التجارب السابقة غير المشجعة مع الرئيس الحريري حين قدّم الكثير من التنازلات، لكن يبدو أن الوضع هذه المرة مختلفاً لأكثر من سبب وأهمها أن الحريري لا يريد أن يكون رئيساً لحكومة يتحقق في عهدها الانفجار الكبير مالياً واقتصادياً واجتماعياً ومثل الحكومة التي يريدها الحزب ستؤسس عملياً لمثل هذا الانفجار بسبب عدم قدرتها على القيام بأي إصلاح لأنها ستشكل استنساخاً معدلاً عن الحكومات السابقة، كما أن الحريري يستند اليوم إلى مطالب شعبية واضحة بالإصرار على حكومة صافية من التكنوقراط وإذا ما قدّم أي تنازل في هذا الموضوع فإن ذلك قد يعني نهاية حياته السياسية فيما لو سقطتت الحكومة مجدداً في الشارع. أضف إلى ذلك أن مثل هذه الحكومة لن تُعطي الثقة المطلوبة للمجتمع الدولي وللأميركيين تحديداً، ما يعني حجب المساعدات الغربية والعربية المطلوبة بإلحاح.

وفي الخلاصة أن الإشارات الغربية عندما تأتي بالفعل سيكون الحريري أول من سيلتقطها، وقد يكون الأجدى بـ”حزب الله” أن يلتقط الإشارات الشعبية اللبنانية أولاً وأن يستجيب لها، قبل أن يطلب من الآخرين التقاط الموجات الأجنبية!