IMLebanon

معارضة “برتقالية” في عهد عون؟

على مدى أكثر من عامين، انتظر التيار الوطني الحر اكتمال الظروف التي تتيح لـ “الممثل الأقوى للمكون المسيحي”، الوصول إلى رئاسة الجمهورية. إنطلق العهد العوني، متكئاً على كتلة نيابية وازنة، وحضور وزاري كبير، ناضل في سبيله رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في ما يمكن اعتباره تثميرا سياسيا للتسوية الشهيرة المبرمة مع زعيم تيار المستقبل سعد الحريري. علما أن هذا الخيار كلف الرجلين أثمانا باهظة تكبداها في الشارع كما في الانتخابات. كانت معادلة الوئام هذه على خط  بيت الوسط – ميرنا الشالوحي قادرة على تجاوز المطبات والنكسات الكبيرة، عند كل مفترق خطير، ليقين الطرفين أنهما في حاجة إلى إبقاء اتفاقهما على قيد الحياة مهما كان الثمن.

كان هذا قبل أن تجرف الثورة الشعبية المعادلات السياسية السابقة، إلى حد دفع الرئيس سعد الحريري إلى الاستقالة وإطلاق رصاصة الرحمة على التسوية، والاصرار على حكومة اختصاصيين مستقلين، في مقابل دعوة التيار وزعيمه إلى تشكيل فريق وزاري من اختصاصيين تسميهم الأحزاب السياسية، معطوفة على ذهاب تكتل لبنان القوي إلى إعلان الاستعداد للبقاء خارج الحكومة الجديدة، إذا كان من شأن ذلك أن يعبد طريق التشكيل، ويؤمن انتاجية الحكومة.  على أن بقاء التيار خارج الجنّة الحكومية يدفع إلى الاعتقاد أن احتمال انتقال التيار إلى ضفة المعارضة بات “خيارا واردا جدا”، على ما نسبته وسائل الاعلام إلى أوساط مقربة من التيار في الساعات الماضية.

لكن هذا الخيار يطرح جملة من التساؤلات، نظرا إلى تموضع التيار العوني في المشهد السياسي، وإلى كونه خاض معركة شرسة لايصال الرئيس عون إلى بعبدا، وخاض الانتخابات رافعا شعار “الوفاء للرئيس عون”، ودعمه على  ما أعلن الوزير باسيل في أكثر من مناسبة. فما الذي سيعارضه التيار إذا قرر التخلي عن الموالاة؟ هل هو العهد الذي يقود سفينته الجنرال المؤسس للتيار نفسه؟ أم الحكومة الجديدة التي لم تولد حتى الساعة بفعل تصفية الحسابات السياسية مع الحريري ومع الحراك. والأهم: هل يكفي غياب باسيل شخصيا عن الحكومة لينتقل التيار إلى المعسكر المعارض، الذي لطالما اتهمه العونيون بالشعبوية والقنص السياسي.

حتى الساعة، لا جواب واضحا لدى التيار عن هذه التساؤلات. ذلك أن أوساطا مقربة منه اكتفت بالدعوة عبر “المركزية” إلى انتظار الموقف الذي قد يعلنه الوزير باسيل اليوم بعد اجتماع المجلس السياسي في التيار، أو غدا من دون أن تفصح عن مضامين هذا الموقف.

لكن الأوساط نفسها لا تنتظر كلمة باسيل لترد على جميع المستغربين احتمالات انتقال “البرتقالي” من الموالاة إلى المعارضة في عهد الرئيس عون تحديدا. ذلك أن المعادلة واضحة جدا بالنسبة إليها: “رئاسة الجمهورية شيء وتكتل لبنان القوي شيء آخر. فالرئاسة مؤسسة قائمة في ذاتها. ثم إن دعم الرئيس وعهده ممكن من موقع المعارضة، تماما كما في الموالاة”.

ولفتت الأوساط إلى “أن المعارضة يمكن أن تكون بناءة، خصوصا عندما تمارس من خلفية إصلاحية، وليس لمجرد الاستعراض السياسي وتسجيل الأهداف في مرمى الخصوم”.

وعن مآل الملف الحكومي في ضوء التطورات البرتقالية والمواقف المنتظرة، أشارت الأوساط إلى أننا ننتظر الحريري، علما أن دار الفنوى حسمت الأمور (لجهة تأييد ترشيح الرئيس الحريري لتكليفه التأليف)”، مشيرة إلى “أننا ندعم تشكيل حكومة قادرة على النجاح والانجاز”.

وفي ما يخص هوية رئيس هذه الحكومة التي يراهن التيار على تأليفها، أكدت الأوساط “أننا مع حكومة تكنوقراط، على أن تكون كذلك من رأسها حتى أخمص قدميها”. وفي ذلك إشارة مبطنة إلى رفض التيار عودة الحريري إلى السراي على رأس حكومة اختصاصيين، علما أن بيت الوسط لا يزال عند هذا المطلب، معتبرة أن “الطرح الأفضل يقوم على تأليف حكومة اختصاصيين مدعومة من الكتل السياسية، لأن أحدا لا يمكن أن يقفز فوق الميثاقية والأحجام التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة”.

وعن إعادة ضخ الحياة في معادلة عودة الحريري مقابل عودة باسيل، أكدت الأوساط أن الوزير باسيل حسم موقفه في هذا الشأن، حيث شدد على أن معيارنا الوحيد في ملف التشكيل هو النجاح، بغض النظر عن مشاركتنا في الحكومة أو عدمها.

وفي ما يخص المعلومات عن احتمال لقاء بين باسيل والأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في الساعات المقبلة، اكتفت الأوساط بالاشارة إلى أن عادة، لا أحد يكون في جو هذا النوع من الاجتماعات”.