IMLebanon

ثلاثية التسوية إلى ثنائية.. فهل يتخلى “الحزب” عن “التيار”؟

بين اثنيني الاستشارات، تبدّلت أوراق اللعبة وانقلبت المقاييس. طبخات حرق أسماء المرشحين غابت عن واجهة المشهد الحكومي ليتصدرها مرشح الطائفة السنيّة الرئيس سعد الحريري من دون منازع ما دامت الميثاقية تفعل فعلها في ميدان رئاسة الحكومة بإقرار الخصوم قبل الحلفاء، إلا إذا كان خلف الستارة الاستشارية مفاجأة ما قد يحملها ربع الساعة الأخير.

في المبدأ، وبحسب المجمّع من معطيات، ستخلص جولة الاستشارات بعد 72 ساعة إلى تكليف الحريري تأليف حكومة تكنوقراط إنقاذية، لن تكون طريق أبصارها النور معبّدة بالورود حكمًا لكنها كما تتوقع مصادر سياسية مواكبة عبر “المركزية”، ولأن شهدت بعض المناكفات السياسية، ستولد في وقت غير بعيد نظرا للضرورات القصوى ومقتضيات المرحلة التي ما عادت تحتمل المزيد من الانزلاق في وحول الانهيارات المتتالية، لأن خلاف ذلك سيجعل الخروج منها تعجيزيًا.

هذا الواقع بأبعاده الداخلية والخارجية، أسهم، وفق المصادر، بتغيير قواعد اللعبة، من تمسك الثنائي الشيعي بمرشح أوحد للرئاسة خلافًا لإرادة حليفه التيار “الوطني الحر” إلى التخلي “الناعم” عن هذا الحليف من خلال كسر معادلة” الحريري وباسيل معا داخل الحكومة أو معًا خارجها”، ومن موقف رئيس “التيار” جبران باسيل عدم المشاركة في الحكومة، بعيدًا من الأهداف الحقيقية الكامنة خلف هذا الإعلان، إلى انهيار أحد أعمدة سيبة التسوية الرئاسية بحيث إذا ما تشكلت الحكومة على غرار ما يريدها الحريري تكنوقراط مستقلة، يصطفّ التيار البرتقالي خارجها، فيما يكمل الثنائي الشيعي ولو عن بعد فيها فتتحول من ثلاثية سنية- شيعية- مسيحية إلى ثنائية سنية- شيعية، فهل يفعلها “الحزب”؟ وما هو حجم الدوافع التي تجعل تمسكه بالحريري أقوى من البقاء إلى جانب حليفه الاستراتيجي؟

فيما تؤكد اوساط قريبة من العهد استمرار تمسك الرئيس ميشال عون بحكومة تكنوسياسية، تعتبر المصادر أن مصلحة “حزب الله” راهنًا تخطت مجمل هذه الاعتبارات، ولأن كانت تحرص على مراعاتها وفي انتظار ما سيقوله أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله بعد ساعات، والمتوقع أن يرفع مستوى الدعم خطابيًا للحليف البرتقالي ليغطي التمايز التكتي حكوميًا، فإن المصادر ترى في الأفق المحلي والخارجي أكثر من اعتبار يجعل الحزب يسلك هذا النهج المتجدد، حيث المصلحة العليا تفرض خيارات مخالفة لتلك التي حكمت المرحلة السابقة حيث كان الغطاء المسيحي الذي يوفره التيار “الوطني الحر” أولوية، فبعدما بات هذا الغطاء غير قابل للعزل، يتطلع “الحزب” إلى غطاء من نوع آخر يتواءم وما توجبه المرحلة الجديدة من متغيرات في المنطقة، غطاء على الأرجح سنيّ عربي لا يمكن أن يشكل مدخله إلا الرئيس الحريري بشبكة علاقاته الممتدة من لبنان إلى داخل العمق العربي، فمتى أنجزت التسويات الإقليمية والدولية سيتقدم الغطاء السني على المسيحي أو على الأقل يتوازيان لتأمين انتقال سلس للحزب إلى داخل الدولة ولبننته، وما صفقة تبادل السجينين بين واشنطن وطهران سوى المؤشر إلى المرحلة الجديدة.

وفي اعتبارات الحزب أيضًا مصلحة داخلية بحتة، فهو يدرك تماما أن الإنقاذ الاقتصادي، وهو المتضرر الأكبر من عدم بلوغه بعدما انتفض شارعه وبيئته عليه، وشحّت موارده المالية لا يمكن لأي شخصية سنية غير الحريري أن تنفذه، أضف أن الحريري بحكومة التكنوقراط قد يسحب فتيل التشنج من الشارع. وتعتبر المصادر أن عراب المرحلة أو التسوية الجديدة قد يكون رئيس مجلس النواب نبيه بري بما له من قدرة على التواصل مع الداخل والخارج في آن، فهل تنجح ثنائية التسوية حيث أخفقت ثلاثيتها؟