IMLebanon

ماذا بعد 17 تشرين المجيد؟ (بقلم جوني عطالله)

ها نحن على ابواب الـ2020 و لبنان يشهد اصعب ازمة اقتصادية منذ الاستقلال عام ١٩٤٣، فشعبه يتخبط بين مطامع الدول الكبرى والحكام، اي الوكلاء المرتهنين، من جهة، وبين احلام التغيير ونبض الشباب المنتفض على الواقع العقيم من جهة اخرى. فما سبب هذا التخبط و كأننا ندور في دوامة محتومة المصير؟ وهل هناك اي افق لحل يعيد لللبنانيين التواقين للحرية بصيص الامل؟

من المعلوم ان منطقة الشرق الاوسط مركز اهتمام عالمي ان كان من ناحية الموارد الطبيعية او من ناحية الموقع الاستراتيجي الذي يربط الدول ببعضها ويساهم في تحديد ميل كفة التجارة والاقتصاد العالمي لصالح هذه الدولة او تلك. تتصارع الدول العظمى والدول المحلية على ترجيح ميزان القوى باتجاهها لاهداف تتعلق بمصالحها وامنها القومي وضمان استمرارية دورها كلاعب اساسي في لعبة الامم.

فبين المطامع الاسرائيلية المعهودة، واحلام انعاش روسيا القيصرية، و ايران الطامحة للتوسع وتصديرها للايديولوجيات البائدة، ومصالح امريكا التي لا تزال مهيمنة على جزء كبير من العالم بحيث تمثل وحدها ٢٢٪؜ من الاقتصاد العالمي، يجد لبنان نفسه ساحة لتصفية الحسابات مما جعله ومنذ نشأته يتمركز على خط الزلزال الذي تحكمه التجاذبات الاقليمية.

هذه هي الصورة من حيث التأثير الخارجي. اما من الداخل فحدّث ولا حرج. يتفرد بصناعة القرار المحلي من يقول لنا وبصراحته المعهودة ان لبنان يجب ان يكون جزءاً من لعبة المحاور وعليه ان يتبنى مشروع احدى هذه الدول الطامعة. يدرك هذا الطرف جنون ما يطرحه فيضفي على مشروعه شعارات براقة و رنانة كـ”المقاومة” و”الممانعة” وعبارات تشد العصب ك”العزة” و”الكرامة” في محاولته لجذب الراي العام. يدرك ايضاً هذا الطرف دقة الوضع الداخلي اللبناني وتنوع اللاعبين المحليين، فيرضي بعضها اللاهث خلف السلطة بمناصب فارغة، ويقمع بعضها الآخر بالقوة العسكرية و بتهم العمالة الجاهزة و المعلبة.

في ظل هذين الواقعين، الداخلي والخارجي، يجد لبنان الذي لا يحتمل المشاريع الكبرى نفسه يتيماً، لا حضن عربي يضمه ولا مجتمع دولي يكترث لامره. وما اشبه لبنان بالطائرة المخطوفة، فخاطفها اليوم لبناني الهوية، ايراني الهوى ويجلس بجانبه طاقم من الفاسدين من كل الانتماءات المذهبية والطائفية. وكما حال كل طائرة مخطوفة، يجد الركاب انفسهم امام 3 حلول لا رابع لها. الاول هو القفز من الطائرة نحو المجهول، و هذا ما يفعله حوالي 35000 شاب وشابة كل سنة نحو الغربة. اما الحل الثاني فهو ان يجلس الركاب مكتوفو الايدي لا يعرفون اين وكيف ستقع هذه الطائرة المحتومة السقوط.
ثم يأتيك الحل الثالث واسمه ١٧ تشرين المجيد! فيتكاتف الركاب في محاولة لانزال الخاطف من المقعد الامامي لاستلام كفة القيادة نحو وجهة واضحة و جميلة. فهل ينجحون؟

في ظل هذا المشهد الضبابي، تظهر بارقة الامل، ففي العام ٢٠٢٢، سيشكل مواليد ما بعد عام ١٩٩٠، اي من لم يعايشوا الحرب الاهلية ولم يتجرعوا كأسها من الحقد والطائفية، ٦٦٪؜ من نسبة المقترعين. هل يصمد لبنان الى ذلك الحين؟ لا اعرف ولكن ان صمد، فلتتحسس مافيات السلطة رقابها فإن صناديق الاقتراع لناظرها قريب!