IMLebanon

الإنقلاب على تركيبة “حكومة الاختصاصيين”.. لعبٌ بالنار

على مسافة ساعات قليلة تلت اغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني ومعه نائب رئيس “الحشد الشعبي” العراقي أبو مهدي المهندس في العراق، وعلى وقع الترددات الكبيرة التي تركتها العملية، ثمة من يعتقد في لبنان انه بات لزاما على اهلم الحكم ومن يحمل مفاتيح التركيبة الحكومية الانقلاب على التركيبة التي يسعى اليها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب من اجل وقف البحث في حكومة من الاختصاصيين وتشكيل حكومة تكنو – سياسية تتصدى للاستحقاقات المقبلة ولا سيما تلك التي تركتها عملية اغتيال سليماني والمهندس على الساحات التي يتواجه فيها الأميركيون والإيرانيون من عمق الخليج العربي الى باب المندب وعمق الشرق الأوسط.

وقبل النقاش حول ما يمكن ان تؤدي اليه هذه النظرية التي يقودها بعض المغالين الذين نموا على هامش محور الممانعة على الساحة اللبنانية وفي المنطقة، تعتقد مصادر دبلوماسية في حديثها الى “المركزية” ان الأخذ بهذه النظرية سيقود البلاد الى مكان لا تريده اكثرية اللبنانيين بمن فيهم من يخوضون المواجهة على مساحة المواجهة المفتوحة بين واشنطن وطهران من سوريا الى العراق والى الخليج العربي واليمن.

ويعتقد هؤلاء “المغالون” ان لبنان كان وسيبقى في قلب المواجهة المفتوحة بين ايران والولايات المتحدة الأميركية من باب الصراع مع اسرائيل وقد سبق لبعض القادة اللبنانيين ومن بينهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان حذر قبل فترة من اي اعتداء يطال الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأنه سيكون مضطرا ليرد على من تسوله نفسه التفكير بمثل هذا الإعتداء وان المنطقة ستلتهب وستدفع اسرائيل والمصالح الأميركية في لبنان والمنطقة الثمن الأعلى.

فكيف وقد بلغت المواجهة بالأمس القريب بين الطرفين ما لم تبلغه من قبل ليس في اعقاب عملية اغتيال سليماني والمهندس فحسب، بل منذ ان شنت الطائرات الأميركية غاراتها الأشد على مواقع الحشد الشعبي والفصائل الموالية لإيران في العراق وسوريا. والملاحظ ان اصحاب هذه النظرية بدأوا التشكيك بامكانات الحكومة المقبلة قبل تشكيلها وهم يقللون من قدراتها في حال شكلت على ما يشتهيه الرئيس المكلف ولا سيما إن كانت من دون لون او طعم سياسي. وهم بدأوا في الساعات القليلة الماضية بالحديث عن امكانية إجراء تغييرات اساسية على التركيبة المقترحة ولا سيما في الحقاب التي تشكل بوابة لبنان الى الخارج.

وعلمت “المركزية” ان من بين ما هو مطروح في الكواليس السياسية الضيقة ولو بخجل احتمال عودة الوزراء الأربعة ممثلي “الأقوياء” الى حقائبهم السابقة رغم اجواء الرفض الشاملة باعتبارها خطوة تنهي كل الجهود التي بذلت لتشكيل حكومة مستقلة تتفرغ للمواجهة الإقتصادية بعد اعادة ترميم العلاقات بين لبنان والخارج الخليجي والغربي ولتسهيل العبور الى مرحلة استعادة الحد الأدنى من السيولة بالعملات الأجنبية الصعبة. وهي مسألة تحدد مدى قدرة الحكومة على الإمساك بزمام المبادرة وتعويض الخسائر التي تحملها اللبنانيون ومعهم خزينتهم نتيجة الخلافات بين بلادهم والمجتمعين الغربي والعربي.

وبناء على ما تقدم، تحذر المراجع الدبلوماسية من اي مسعى يعيد النظر بالتركيبة الحكومية المنوي تشكيلها، ذلك ان السعي الى احياء فكرة الحكومة التكنو – سياسية توزع الحقائب الخمسة الأساسية على اختصاصيين وتعطي الحقائب السياسية للسياسيين ليس مشكلة فحسب، بل انه لعب بالنار. فمثل هذا الإحتمال سيفجر الوضع من جديد. فالانتفاضة الشعبية لم “تبلع” بعد ما يمكن ان يقدمه لها الرئيس دياب الذي نال صفة المستقل رغم تبعيته لمن سماه لتأليف الحكومة، وهي امهلته الى حين تبيان برنامجه السياسي والإقتصادي الذي لم يكشف عن اي بند من ينوده الى اليوم. ويبقى من المجدي انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من مواقف تشير الى مستقبل التشكيلة الحكومية فكل ما انجز حتى اليوم ووضع الاختصاصيين، حتى العسكريين منهم، في حقيبتي الدفاع والداخلية، في انتظار اختيار دبلوماسي عريق في الخارجية، خطوة مهمة نحو التأليف. ولذلك فاذا جرى التلاعب بمثل هذه المعطيات سنكون امام مرحلة تعود بالبلاد الى نقطة الصفر، وهو ما يجمع الكل على رفضه ومنع الوصول الى هذه المرحلة الخطيرة التي لا يتحملها لبنان واللبنانيون.