IMLebanon

دياب أمام فرصة نادرة لإثبات قوته: تشكيلة حكومية يختارها بنفسه

في اطلالته التلفزيونية الاخيرة، اعلن رئيس “التيار الوطني الحرّ” الوزير جبران باسيل ان “المشكلة هي في أنّ “النظام مش ماشي حالو” ويجب تغييره، فنحن بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد. كلام باسيل ليس جديدا ولا الاول من نوعه، اذ سبقه اليه اكثر من مسؤول سياسي في الدولة، خصوصا إبان الازمات التي عصفت بالبلاد رئاسيا وحكومياً حيث لم يحدد الدستور كيفية التعاطي معها منعا للفراغ، كأن يبقى رئيس الجمهورية في الرئاسة مثلا الى حين انتخاب بديل او ان تحدد مهلة للرئيس المكلف لتشكيل الحكومة وغيرها الكثير من الحالات المشابهة الواجبة معالجتها، ولكن.

تقول مصادر قانونية مطلعة على تفاصيل حقبة الطائف ومحاضره لـ”المركزية”، ان هذا النظام الذي ارسى دستور لبنان الجديد منذ ثلاثين عاما، يكاد يكون الافضل بين انظمة الدول، ولو انه يحتاج الى تعديلات طفيفة تلافياً للازمات الناتجة عن اغفال تحديد بعض المهل الدستورية. بيد ان هذا الاغفال ليس متعمداً، ذلك انه لم يرد في فكر اي من “صانعي” الطائف ان ممارسات القوى السياسية ستجنح الى هذا الحد وتوغل في خلق الازمات لدرجة توجب وضع حد لادائها الذي دحرج البلاد الى حيث هي بعد ثلاثة عقود على طي صفحة الحرب الاهلية.

جلّ ما يحتاجه النظام اللبناني هو التطبيق الصحيح، تضيف المصادر، وليس التغيير، خصوصا من قبل من يمعنون في خرقه تحت شعارات القوة والحق والميثاقية وغيرها من العناوين الرنانة التي تدغدغ مشاعر اللبنانيين وتثير عصبياتهم الطائفية او الحزبية، على غرار ما يحصل راهنا. فالاداء السياسي الخارج عن كل منطق لا يمت الى النظام والدستور بصلة. هذا النظام الذي اشرك المكونات اللبنانية كافة في السلطة في شكل متوازن، تنحره القوى السياسية عند كل استحقاق وتختار منه ما يناسب مصالحها واهدافها فتقتسم المغانم وتوزع الحصص بعيدا من مصلحة الوطن وشعبه.

في الطائف، تشير المصادر، الى ان جميع المكونات السياسية يجب ان تخضع للقانون لا ان تقفز فوقه وتتحايل عليه على غرار ما تفعل اليوم في الملف الحكومي. اذ ان الدستور منح الرئيس المكلف حق تشكيل الحكومة التي يرأسها لا ان يرأس حكومة تشكلها الاطراف السياسية وتتحكم باسماء وزرائها وتفرض الحقائب التي تعتبر بعضها مكتسبات وحقا مقدسا لها نابعا من فائض قوتها لا من قوة الدستور، حتى ان بعض هذه المكونات يذهب الى حدود عدم تسليم اسماء وزرائه الا لحظة ما قبل اعلان المراسيم فيودعها الرئيس وكأنها ملك له. هذا الواقع الذي يكرّس اعرافا غير مألوفة وخارجة عن القانون هو الواجب تغييره لا الدستور، وهنا ترى المصادر، ان امام الرئيس المكلف حسان دياب فرصة لاثبات قوة هو في امسّ الحاجة اليها نسبة للظروف المحيطة بتكليفه سنيّا ووطنيا وحتى خارجياً، بحيث تنصحه في مجال فرض نفسه “مستحقاً” لقب رئيس حكومة عن جدارة ان يبادر الى اعداد لائحة باسماء وزراء حكومته ورفعها الى رئيس الجمهورية ميشال عون الذي اما يقبلها او يرفضها، استنادا الى الدستور، خصوصا ان الاستشارات النيابية التي يجريها بعد التكليف غير ملزمة.

اما دور القوى السياسية فتؤديه في المجلس النيابي، مكانها الطبيعي دستوريا، لا ان تشارك في السلطتين التنفيذية والتشريعية في آن، فتنتفي مهمتها الاساسية لجهة مراقبة الحكومة ومحاسبتها على ادائها، فينتشر الفساد وتعم الفوضى ولا من يسأل او يعقد جلسة لمساءلة الحكومة عما تقترف من ارتكابات في حق اللبنانيين، ويصبح المثل الشعبي الثائر “حاميها حراميها” قابلا للتطبيق. وتختم المصادر بدعوة الرؤساء وكبار المسؤولين في الدولة الى اعادة تصويب البوصلة وتصحيح الاداء السياسي، اذا كان من نية للتصحيح، قبل ان يصبح تغيير النظام نفسه من دون طائل بعد انهيار الهيكل على رؤوس الجميع.