IMLebanon

من طاولة الحوار إلى حكومة الأقطاب! (بقلم رولا حداد)

لا يمكن للسيد حسن نصرالله أن يقدّر مقدار حنكة حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري في ابتداع الحيل السياسية لمحاولة إنقاذ “حزب الله” في كل مرة يشعر الحزب أنه محاصر بشكل كبير سياسياً وحتى أمنياً.

آخر إبداعات برّي دعوته مع الزميل نقولا ناصيف في جريدة “الأخبار” إلى حكومة أقطاب، معتبراً أن مثل هذه الحكومة وحدها قادرة أن تتخذ القرارات اللازمة وتنقذ لبنان من الانهيار المالي والاقتصادي ومواجهة المرحلة المقبلة!

نظرياً رئيس مجلس النواب على حق، ويحتاج لبنان إلى حكومة أقطاب تتخذ كل القرارات اللازمة، بدءًا من إنهاء ملف الكهرباء الذي كبّد الخزينة حتى اليوم حوالى 43 مليار دولار، مروراً بضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية وإنهاء التهرب الجمركي والضريبي وليس انتهاء بحسم الفساد الإداري المستشري وترشيق حجم الإدارة التي تستنزف حوالى 40% من موازناتنا السنوية!

لكن المشكلة الكبرى تكمن في أن “الجمل بنية والجمّال بنيّة”. فرغبة الرئيس نبيه بري في العمق ليست إنقاذ لبنان من الانهيار الكبير الذي وقع فيه، بل إنقاذ “حزب الله” الذي يتعرّض لحصار مالي خطير من جهة بفعل العقوبات الأميركية عليه وعلى إيران، والذي يتعرّض لحصار سياسي ودبلوماسي يخشى مسؤولو الحزب أن تضطر بعدها القيادة الإيرانية إلى التضحية برأسه على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة.

هكذا يصبح طرح حكومة الأقطاب مناسباً لوضع كل القوى والقيادات السياسية في لبنان بمثابة متراس حماية للحزب في مواجهة العقوبات الأميركية والغضب العربي والغربي عليه، ولتحميل جميع القيادات مسؤولية ما جناه الحزب على لبنان بانخراطه في المحور الإيراني ومحاولة حشر لبنان في هذا المحور!

وفي استعادة لما جرى بعد “ثورة الأرز” في العام 2005، يتبيّن أن الرئيس بري نفّذ المناورة إياها. فسعيا لمحاولة امتصاص مفاعيل الهجمة الدولية على “حزب الله” تحت عنوان القرار 1559، والهجمة الداخلية عليه المتمثلة في “انتفاضة الاستقلال”، وخصوصاً بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي اتُهم فيها لاحقاً عناصر قيادية في الحزب، ابتدع بري دعوته الشهيرة إلى عقد طاولة الحوار الوطني في مجلس النواب لمحاولة تنفيس الثورة الشعبية العارمة في لبنان.

وبالفعل وقع الجميع في فخّ بري، فذهبوا إلى طاولة الحوار العقيمة والتي بقيت قراراتها حبراً على ورق، وخسروا ما امتلكوه من قوة بفعل ثورة الشعب اللبناني في الشارع. لا بل إن السيد حسن نصرالله الذي كان التزم على طاولة الحوار بـ”صيف هادئ” في الـ2006، عاد وأخذ البلد إلى حرب تموز وانقلب على طاولة الحوار وعلى كل مفاعيل “ثورة الأرز”!

هكذا يحاول الرئيس بري اليوم مجدداً أن يؤمن الحماية الداخلية اللازمة للحزب من خلال الدعوة إلى حكومة أقطاب تكون مهمتها الوحيدة عمليا “حماية الحزب” من مفاعيل العقوبات والحصار الذي يتعرّض له، وذلك تحت عنوان تحمّل شراكة الجميع مسؤولياته في إنقاذ البلد، في حين أن الحزب نفسه يرفض أي شراكة معه في كل القرارات الاستراتيجية!

والسؤال الكبير هو هل يقع المعنيون مرة جديدة في فخ بري؟!