IMLebanon

المنظومة السياسية تفضح نفسها بإخفاق محاولاتها لنسف الثورة

كل أساليب نسف الثورة وفنون ضرب مرتكزاتها ومبادئها، التي يتقنها بامتياز السياسيون ويبرعون فيها لم تؤت ثمارها، وكل المحاولات “الخبيثة” التي يبذلها المتمترسون في المواقع والمناصب غير آبهين إلا بتأمين سبل بقائهم حيث هم، يعقدون التسويات ويبرمون الصفقات ويتقاسمون المغانم التي تحرم خزينة الدولة حقها من المال العام ويمعنون في تجويع الشعب وإفقاره، تتداعى أمام إرادة الثوار وعزمهم لا بل استماتتهم في سبيل إعادة بناء لبنان يليق بأبنائه وجيله الطالع الذي أثبت في محطات الثورة “المتألقة” وعيًا لا مثيل له في نظرته إلى كيفية بناء الدولة التي يحلم بها.

منذ 17 تشرين، لم تعدم السلطة وسيلة لإنهاء الثورة والتخلص من تداعياتها “الخطيرة” عليها، إلا واستخدمتها، اتهمتها بالأبلسة وبالتموّل من السفارات وبالعمالة لخدمة أجندات خارجية معادية لمحور المقاومة والممانعة الذي ضمت نفسها رسميًا إليه بالممارسة والفعل خلافًا لوعودها الموثقة في البيانات الوزارية لحكوماتها المتعاقبة التي تلتزم بالحبر فقط سياسة النأي بالنفس والحياد عن صراعات الخارج، فلم تفلح. لعبت على وتر بث سموم الطائفية والمذهبية بين الثوار برفع شعارات نافرة نبذها هؤلاء لأنها لم تعد عملة رائجة في ما بينهم. استخدمت “طابورها” المجهول الهوية في اعتقادها والشديد الوضوح والانتماء من اللبنانيين الثوار إيحاء بأن ثمة شارع ضد شارع فأخفقت. حركت من تُجمع في مواقف المشاركين فيها على توصيفهم بـ”الزعران” وهم في الحقيقة أدوات تحركها باستغلال أوضاعهم الاجتماعية المأساوية، ببضعة آلأف من الليرات يشترون بها ممنوعات، وقد أعلن مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في مؤتمره الصحافي أن من تبقى من الموقوفين في حقهم مذكرات توقيف بجرم مخدرات، أرسلت إلى ساحات “الثورة” في المناطق من يحرق الخيم وإلى ساحة الشهداء من يضرم النار في قبضة الثورة فجر 22 تشرين الثاني إبان وضع اللمسات الأخيرة على إحياء ذكرى الاستقلال على طريقة الثوار التي حظيت بثناء الللبنانيين والعالم، فنصب الثوار الخيم بأسرع من المتوقع ورفعوا القبضة قبل حلول الظلام. حتى القمع الأمني للثوار في مسيراتهم وتوقيفهم على خلفية قطع الطرق في مناطق معينة وسقوط شهداء من بينهم لم تحبط عزيمتهم، بل أضافت إليها عزيمة وثباتًا لاستكمال مشروع بناء “الجمهورية الثالثة”.

جديد “إبداعات” السلطة إزاء إخفاق كل محاولاتها السابقة، بما فيها ضم نفسها للثورة إيحاء بتبني مطالبها، وإزاء ارتفاع منسوب قلقها بعدما كسر الثوار كل حواجز الطائفية والمذهبية والمناطقية ووحدوا لبنان تحت راية العلم اللبناني لا غير، ضخ مثيري الشغب بين الثوار لتشويه صورة حراكهم السلمي، حيث يندسون ليلا في ما بينهم ليعيثوا خرابًا وفسادًا في الممتلكات العامة والخاصة ويرشقوا رجال الأمن بالحجارة وما تيسر بين أيديهم من عدة العمل ليصبغوا الثورة بشغبهم. بيد أن الانتفاضة السلمية تبرأت منهم ولم تتبن أفعالهم لاسيما أن بعض هؤلاء اعتدى على الثوار وجاهر بانتمائه السياسي، وكثيرون من بينهم يقبعون راهنًا في مراكز التحقيق وفي عهدة القضاء لثبوت ضلوعهم في هذه الممارسات.

المطلوب بإلحاح، كما تقول مصادر في الثورة لـ”المركزية” من القضاء إثبات نزاهته وترفعه عن التدخلات السياسية لمرة واحدة على الأقل، من خلال متابعة التحقيقات حتى خواتيمها وإعلان نتائجها كاملة من دون مراعاة القوى السياسية والحزبية، وكما حَزمُ القوى الأمنية في التعاطي مع الثوار، فليحزم القضاء أمره في كشف هوية المشاغبين والمندسين ومن يحركهم ويقف خلفهم من القوى السياسية التي تسارع فور إنجاز المهام التي توكلها إليهم إلى إصدار بيانات التبرؤ ونفي ارتباطهم بها، فتعلنها للرأي العام اللبناني وتنزع صفة الشغب عن الثورة الحقيقية ومطالبها النبيلة المحقة، مقابل فضح أهداف المنظومة السياسية التي لا هم لها سوى النيل من الثورة بالانقضاض عليها من الداخل وغسل أيديها من اقترافاتها.