IMLebanon

الحكومة تتجاهل مطالب الانتفاضة.. فماذا لو رسبت في الامتحان؟

أما وقد خرجت الحكومة العتيدة إلى الضوء بدفع قوي من “حزب الله” الذي تدخّل “حاسمًا” لإنهاء مخاض الولادة الوزارية العسيرة بعد أن عقّده الاشتباك غير المسبوق، على الحصص والحقائب والأحجام بين أهل بيته السياسي الذين يُفترض أن يكونوا “حلفاء”… فإن الانظار اتجهت سريعًا إلى رصد ردّ فعل المنتفضين في الشارع، عليها… كان يمكن للثوار أن يلازموا منازلهم ويعطوا الحكومة الوليدة فرصة، فيحكمون عليها لاحقًا، انطلاقًا من “أعمالها”. إلا أن ذلك لم يحصل.

نعم، جزءٌ لا بأس منه من مؤيدي حركة 17 تشرين، قرر التريث إلا أن الحركة الاعتراضية الواسعة والتظاهرات وقطع الطرق، التي عرفتها المناطق اللبنانية كافة ليلا من محيط مجلس النواب، إلى طرابلس وصيدا، مرورًا بالبقاع وعاليه والزوق وجونية وشكا والناعمة وصولًا إلى قصقص والطريق الجديدة والمزرعة (…) دلّت على غضب شعبي عارم من التركيبة.

انعدامُ الثقة هذا، يبدو مبرّرًا ومنطقيًا، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. فبعد أكثر من 90 يومًا في الشارع، حيث نادى مئات آلاف اللبنانيين، بحكومة اختصاصيين تكنوقراط “مستقلين”، تبيّن بعد تدقيق سريع في “سير” الوزراء الجدد، على مواقع التواصل الاجتماعي، لا أكثر، أن غالبيتهم يملك خلفية حزبية واضحة، مُثبتة بفيديوهات وصور ومواقف اتخذوها في السنوات والأسابيع الماضية، حتى أن بعضهم سبق وأطلق سهامًا قاسية في اتجاه “الثورة” وشكّك في أهدافها، كوزير الصحة المحسوب على “حزب الله” حمد حسن، الذي حاول تبرير كلامه وتوضيحه.

كما أن عددًا لا بأس به منهم، كان مستشارًا أو معاونًا للمرجعية السياسية التي أتت به إلى الوزارة، لعلّ أبرزهم وزيرا المال غازي وزني (المستشار المالي للرئيس نبيه بري) والطاقة ريمون غجر (الذي كان من فريق عمل الوزير السابق جبران باسيل تماما كسلفه ندى البستاني)… صفةُ “التكنوقراط”، بدورها، لم تؤخذ في الاعتبار. ففيما تقتضي أن تضع الوزير المناسب في الوزارة المناسبة انطلاقًا من تخصّصه ودراساته الجامعية وخبرته العمليّة، تم تسليم “التربية” إلى قاض في مجلس شورى الدولة هو طارق مجذوب. والصناعة، إلى عميد الجامعة الأميركية في دبي عماد حب الله. وتم، تسليم وزارتين لا ترابطَ بينهما إلى شخص واحد. فآلت الشؤون الاجتماعية والسياحة إلى جرّاح العظم رمزي مشرفية، ووزارتا الزراعة والثقافة إلى عباس مرتضى، الذي سبق وشغل منصب مسؤول الشؤون البلدية والاختيارية في حركة أمل إقليم البقاع!

هذه المعطيات التي تعكس التفافًا واضحًا، كي لا نقول “تجاهلًا” لمطالب الثوار، والتي تؤكد أن مَن “خرجوا من الباب عادوا من الشباك”، يبدو أن المنتفضين لن يسكتوا عنها. وبحسب المصادر، المرحلة المقبلة لن تكون سهلة وستشكّل امتدادًا لما تشهده البلاد من تحرّكات، هذا إذا لم تتخذ زخمًا إضافيًا متغذية من الوضع الاقتصادي – المعيشي الذي يزداد صعوبة. من دون أن ننسى أيضًا أن دياب لا يزال حتى اللحظة، يفتقد “الحاضنة السنية” الشعبية والسياسية والروحية.

وبعد، صحيحٌ أن دياب أشار إلى أنه سيتوجّه إلى الخليج فور نيل حكومته الثقة، وصحيح أيضًا أنه أعلن أنه “التقى بعيدًا من الإعلام، عددًا من السفراء الأجانب الذين طلبوا موعدًا أثناء فترة التأليف، وأن جميعهم أبدوا استعدادا للتعاون”، غير أن المصادر تذكّر بأن “الكلمة المفتاح” التي وردت في مقاربة الدول المانحة كلها، للملف اللبناني المعقّد، كشرط أساس لمد يد العون إلى الحكومة الجديدة، كانت “تشكيل حكومة تنال ثقة الشعب وتلاقي تطلعاته”. فماذا لو بقي الشارع على انتفاضته؟ هل ستأتي المساعدات الخارجية الضرورية لتفادي انهيار الوضع اللبناني كليًا؟ وهل الحكومة الوليدة جاهزة لتحمّل مسؤولية هذا الانهيار؟