IMLebanon

خلف تدخّل “الحزب” لإخراج الحكومة.. مخاوف واحتواء تداعيات

استنادًا إلى المعطيات التي استبقت إعلان المراسيم الحكومية، ثَبُت بالوجه الشرعي لدى اللبنانيين أن “حزب الله”، حينما يتخذ القرار يفرض وينفذ. خلال 34 يومًا على تكليف الرئيس حسّان دياب تشكيل الحكومة لم يعدم وسيلة إلا واستخدمها لإنهاء مهمته سريعًا، مهمة افترض اللبنانيون أنها لن تستغرق هذا الوقت، باعتبار أنه وعد بحكومة اختصاصيين مستقلين، ما يعني عمليًا ألا دخل للقوى السياسية فيها، وتوقعوا والحال هذه، أن يؤلف حكومته ويقدمها إلى رئيس الجمهورية فيوقعها أو يرفضها، بيد أن دياب أُقحم في دوامة مطالب وشروط هذه القوى ولم يتمكن من التشكيل، إلى أن دخل “الحزب” على خط الاتصالات طارحا الحل، ومنتزعًا بالضغط على دياب التنازل عن معيار الثمانية عشر وزيرًا لإرضاء حليفه الاستراتيجي رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية من جهة وحل عقدتي الكاثوليك والدروز من جهة ثانية، فكان له ما أراد.

تدخل حزب الله، تعزوه مصادر سياسية مطلعة عبر “المركزية” إلى جملة أسباب، بعيدة من الاعتبار الإقليمي الذي راهن عليه كثيرون، اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني. وترى أن ما تظهّر إلى العلن من خلافات بنيوية بين القوى السياسية المنضوية تحت لواء محور الممانعة الذي يتزعمه “حزب الله”، كان له وقع شديد السلبية على “الحزب” في مرحلة حرجة يتعرض فيها لتململ داخل بيئته من خلال مشاركة لا يستهان بها لأبناء الطائفة الشيعية في الثورة الشعبية على الطبقة السياسية، وفشل كل المحاولات التي بذلها لوأدها في مهدها، لاسيما في عقر داره جنوبًا في النبطية وكفررمان وبقاعًا في بعلبك والهرمل، ولو أنه تمكن في بعض القرى، بسياسة الترهيب وإقحام المنطق العائلي والعشائري من تقليص عدد الثوار داخل هذه البيئة، غير أن التدهور الاقتصادي والمالي واستمرار الوضع على ما هو عليه سيدفع بالمزيد من هؤلاء إلى الشوارع. واقع يضعه الحزب في اعتباراته ويشغل محركاته ميدانيًا لاحتوائه والحد من مفاعيله.

وفي السياق، تعتبر المصادر أن مؤتمر فرنجيه كانت له أيضًا تبعات سلبية على الحزب لجهة كشف معطيات تتصل بالخلافات حول التشكيل بين أهل البيت الواحد، كان يفضل الحزب ألا تظهر فاقعة إلى هذا الحد في العلن، فقد اتهم فرنجيه الوزير جبران باسيل بالتسبب بعرقلة التشكيل من خلال إصراره على الحصول على الثلث المعطل، ووجه إليه سهامًا جارحة، فرد الحزب الاعتبار لرئيس “المردة” بمنحه حقيبتين في الحكومة العشرينية في حين لم تكن له إلا واحدة في الثلاثينية. هذه المعادلة كان رفضها باسيل قبيل التشكيل إلا أن “مونة” الحزب فعلت فعلها في مجال الرضوخ لما كُتِب.

وإزاء توسع رقعة الخلافات بين من يفترض أنهم فريق واحد متكافل ومتضامن إلى درجة لم يعد الحزب يحتمل  تداعياتها، وجد نفسه أمام واحد من خيارين، التسليم بالفشل وترك دياب يشكل حكومة من خارج فلك السلطة، بما يعني ذلك من إقرار بمطالب الثورة، أو ممارسة الضغط على فريقه السياسي وعلى الرئيس المكلف في آن، لإخراج الحكومة إلى النور، فاستخدم نفوذه وولدت حكومة اللون الواحد.

في هذا المجال، تضيف المصادر، لم يعد من مجال للشك أن الحزب يمتلك راهنًا ورقة الاستحقاقات الدستورية كافة مستفيدًا من فائض قوته الداخلي وتعاظم نفوذ محوره الإقليمي، فهو يفرض رئيسًا للجمهورية ويشكل الحكومة ويختار الوزراء في المواقع الحساسة ويضغط بوسائله في الانتخابات النيابية لقلب المعادلات والنتائج كما أظهرت الجولة الانتخابية الأخيرة.

واقع تبدو بعض القوى السياسية المناوئة استسلمت له، فهل تتمكن الثورة من قلب المعادلة لمصلحة فرض قرار الشعب وإيصال “المستحقين” إلى مواقع القرار، بقرار لبناني صرف؟