IMLebanon

بانوراما الثقة بالحكومة: انقسام 8 و14 آذار يعود والعين على المستقلين

صحيح أن الرئيس حسان دياب تجاوز قطوع تأليف الحكومة بشق النفس، لكن هذا لا ينفي أن الامتحان “الرسمي” الأول الذي من المفترض أن يقف أمامه يكمن في الجلسة النيابية المخصصة للتصويت على الثقة بالفريق الوزاري الجديد، علما أن موعدها لا يزال يتأرجح في انتظار مصير الجلسة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لبحث مشروع قانون موازنة 2020 الذي أعدته الحكومة السابقة، في 27 و28 الجاري.

وإلى أن يحين موعد جلسة الثقة الموعودة، وفي وقت يبدو رهان الرئيس دياب وفريقه على كسب ثقة الشارع الملتهب أولا، يمكن رسم بعض ملامح توجهات الكتل النيابية في ما يتعلق بإعطاء الحكومة الثقة، علما أن عين المراقبين سترصد أولا حجم المشاركة في الجلسة، فيما نصاب انعقادها هو النصف زائدا واحدا أي 65 نائبا.

وفي السياق، تلفت مصادر سياسية عبر “المركزية” إلى أن البلاد باتت اليوم أمام حكومة من لون واحد، في ما يمكن اعتباره مؤشرا إلى أن ثقة الثنائي الشيعي بالحكومة الجديدة تبدو شبه مضمونة (13 من كتلة الوفاء للمقاومة، و17 لكتلة التنمية والتحرير)، علما أن كانت لهذا الفريق تحديدا، عبر المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل، والوزير السابق علي حسن خليل، اليد الطولى في تذليل آخر العقبات التي استعصت على دياب، الذي وقع أسير خلاف أهل البيت الواحد.

إنطلاقا من هذه الصورة، ترجح المصادر أن تشارك المردة أيضا في الجلسة وتمد الحكومة الوليدة بجرعة دعم ثلاثية (النواب طوني فرنجية، فايز غصن، واسطفان الدويهي)، خصوصا أن رئيس هذا التيار، النائب السابق سليمان فرنجية نجح في تحقيق مطلبه في الحصول على وزيرين بحقيبتين (ميشال نجار للأشغال، ولميا يمين للعمل)، في سياق المواجهة الرئاسية المفتوحة مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي نال نصيبه من غضب زعيم بنشعي في مؤتمر صحافي “نادر” عقده الأخير قبل ساعات على إنجاز التوليفة.

 

وفي وقت يرجح المراقبون أن يحذو النائبان مصطفى الحسيني وفريد هيكل الخازن حذو المردة، تتجه الأنظار إلى موقف “اللقاء التشاوري” من الجلسة ومنح الحكومة الجديدة ثقته، علما أن كثيرا من المعطيات التي سجلها منسوب الأحداث في الساعات الأخيرة يحمل على الاعتقاد أن نواب اللقاء سيعطون ثقتهم للحكومة الوليدة التي تضم وزيرا اعتبر دائرا في فلك السنة المناوئين لتيار المستقبل ، وهو وزير التربية طارق المجذوب، حيث أن اللقاء أصدر مساء أمس بيانا دعا فيه إلى منح حكومة دياب فرصة لإنقاذ البلاد، وإن كان يعول على البيان الوزاري لاتخاذ الموقف النهائي.

لكن، في هذا المجال، تدعو المصادر إلى ترقب موقف النائب جهاد الصمد، وهو أحد أبرز أعضاء اللقاء التشاوري. ذلك أنه لم يخف امتعاضه من “طريقة تأليف الحكومة”. موقف يلتقي عليه الصمد مع كتلة الوسط المستقل برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي. ذلك أن عضو الكتلة النائب نقولا نحاس أكد لـ “المركزية” أن “الكتلة (4 نواب) لن تعطي الحكومة الثقة، نظرا إلى تركيبتها وطريقة تأليفها، معتبرا أنها لا ترضي الحراك المنتفض في الشارع منذ مئة يوم”.

كل هذا لا ينفي أن في إمكان حكومة دياب أن تنام على حرير الدعم الذي من المفترض أن تناله من أعضاء كتلة ضمانة الجبل، برئاسة النائب طلال إرسلان، خصوصا أن وزير السياحة والشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية بدا نتيجة لتوافق درزي شارك في صياغته إرسلان ورئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب.

أما في ما يتعلق بتكتل لبنان القوي، بما فيه الطاشناق، فإنه يتجه إلى التصويت على الثقة بالحكومة ايجابا، على أن أحدا لا يشك في أن الأهم يكمن في الخيارات التي سيركن إليها النواب الذين خرجوا من عباءة التكتل مثل شامل روكز ونعمت افرام وميشال معوض وميشال ضاهر. الأخير بدا متريثا في حسم موقفه، وأشار عبر “المركزية” إلى أن “من المرجح أن يعطي الحكومة الثقة. لكن من المفضل انتظار برنامجها، خصوصا في ما يتعلق بخطة إنقاذية شاملة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي”.

من جهتها، تتجه كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي (النواب أسعد حردان، ألبير منصور وسليم سعادة) إلى حجب الثقة عن الحكومة الجديدة، بعدما بقي خارجها على وقع الفشل في ضم نقيبة المحامين السابقة أمل حداد إلى صفوفها.

أما على الضفة “السيادية”، فلا تبدو الأمور وردية بالنسبة إلى حكومة دياب، حيث أنها تواجه معارضة شرسة من رباعي المستقبل- الكتائب- القوات- الاشتراكي. بدليل ما رشح من كلام في أروقة بيت الوسط عن أن الكتلة “الزرقاء” (20 نائبا) ستحضر الجلسة وتحرم الحكومة الثقة على اعتبارها توليفة حزب الله، التي لا تنال رضى الحراك. موقف يلقى صداه في المختارة، التي ستحجب بدورها ثقة نوابها التسعة عن “حكومة اللون الواحد” التي شكلها حزب الله، ما يعني انتقال جنبلاط إلى المعسكر المعارض، إلى جانب القوات (15 نائبا) التي استهجن رئيسها سمير جعجع التوليفة الجديدة قائلا: “يا محلا الحكومات السابقة”. غير أن قرار معراب يبقى رهن نتيجة اجتماع “تكتل الجمهورية القوية” الذي سيناقش الملف، كما أكدت أوساط القوات لـ “المركزية”، مشيرة إلى أن القرار أيا يكن سيحمل الأسباب الموجبة له.

أما الكتائب، المتموضعة أصلا في المعارضة، فمن غير المرجح أن تدعم الحكومة بدليل الهجوم العنيف الذي شنه رئيس الحزب النائب سامي الجميل على وزير الصحة حمد حسن بعد ساعة على تعيينه في منصبه الجديد، علما أن المكتب السياسي الكتائبي من المفترض أن ينعقد قريبا لحسم مسألة المشاركة في الجلسة. في الانتظار، لا يتوقع أحد من النواب المستقلين (مثل بولا يعقوبيان وأسامة سعد) أن يعطوا الثقة، باستثناء النائب جميل السيد الذي أوحت تغريداته بأنه كان على علم بأدق تفاصيل كواليس التأليف.