IMLebanon

عون يحمّل “المال” و”الحاكمية” مسؤولية الأزمة… فماذا عن دور السلطة؟

نقل زوار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عنه، الخميس، تأكيده أن الأزمة المالية التي تضرب لبنان هي مسؤولية مشتركة بين حاكمية مصارف لبنان ووزارة المال، وفق “المركزية”.

قد يكون كلام رئيس البلاد صحيحا ودقيقا من زاوية المسؤولية، ما دام الموقعان هما الارفع ماليا ويترتب عليهما واجب حسن ادارة شؤون المال العام في الدولة. بيد ان الصحيح ايضا ان حصر المسؤولية بالوزارة والحاكمية غير دقيق ولا منصف ما دام وزير المال وحاكم مصرف لبنان موظفين في الدولة وثمة من هم في مواقع المسؤولية المطلقة عن شؤون البلاد تترتب عليهم ايضا واجبات وطنية، ليس اقلها اقالة اي موظف لا يحسن ادارة الشأن العام، وهو ما لم يفعله اصحاب القرار منذ انتهاء الحرب الاهلية ووضع اتفاق الطائف قيد العمل، ليس لعجز، بل لأن معظم من توالى على السلطة لم يقدم على أي إصلاح، بما فيه ما تضمنته اخيرا ورقة بعبدا المالية الاقتصادية حينما دخلت البلاد عمق الازمة وقبل ان تنفجر ثورة الغضب الشعبي في 17 تشرين الاول، مُعَرّية السلطة من اقنعتها، وكاشفة عورات فسادها ومكامن السرقات والهدر التي لم يتناولها او يسعى لوقفها مسؤول واحد في الدولة من اعلى الهرم الى اسفله، على رغم الوعود الرنانة بإصلاح احوال البلاد وتغيير نهج الفساد المعمم في كل زاوية من الادارات العامة، بل انكبّ هؤلاء على تقاسم الحصص وتوزيع مغانم الصفقات التي ابرموها في ما بينهم ودأبوا على الخلافات ‏التي عطّلت البلد وحمت الفاسدين الذين نهبوا مال الدولة بطريقة مُمنهجة لدرجة ابادتها.

نعم، يتحمل مصرف لبنان جزءا من المسؤولية، تقول مصادر مالية لـ”المركزية” في معرض تعليقها على الموقف الرئاسي. فهو قبِلَ، ومن منطلق المسؤولية الوطنية بمساعدة الدولة على النهوض وبناء قوتها الاقتصادية، ‏بإقراضها على مدى عقود وبتمويلها ‏بشكل كبير أصبح يحمل معه أكثر من نصف الدين العام بالليرة اللبنانية، ناهيك بدفع الاستحقاقات بالعملة الصعبة. ‏غير ان المسؤولية اولا وـخيرا تتحملها  السلطة السياسية الفاسدة التي لم تعر اللبنانيين اي اهتمام على رغم بلوغ اوضاعهم في العامين الاخيرين اسوأ حال، فاهتمامها كان منصبًّا على ‏مصالحها الخاصة ومناكفاتها على الحلبتين الوزارية والبرلمانية، حتى في احلك الظروف وحينما كان هؤلاء يعاينون البلاد تنهار، وعوض تركيز اهتماماتهم على كيفية الانقاذ والمباشرة بالاصلاحات التي لقّنتهم اياها “بالملعقة” الدول الحريصة على لبنان، مضوا في حروب “الابادة” وتفصيل القوانين على مقاساتهم وإبرام صفقات منها الوهمي ومنها النفعي، ولم ينفذوا مشروعا انعاشيا واحدا يؤمن مدخولا ماليا يساعد في تسديد الدين العام‎، او الحد من الهدر وحال الكهرباء دليل ساطع، وأكثر، خاصموا الخارج العربي والغربي الذي لطالما مدّ للبنان يد العون في ظروفه الصعبة، بإطلاق مواقف اجهضت سياسة النأي بالنفس التي شكلت الحصن المنيع للبنان ووضعته في المحور المناهض، فنال نصيبه من تحمل تبعات ما “يقترف مسؤولوه”، وانكفأت الاستثمارات لاسيما الخليجية التي رفدته بجرعات الانتعاش تكرارا وانهار اقتصاده او ما تبقى منه بعدما عانى لسنوات في “العناية الفائقة”، ورمت حمل العقوبات الدولية المفروضة على حزب الله على كاهل القطاع المصرفي.

وترى المصادر ان اذا كان كلام رئيس الجمهورية محقا في جزء منه، لكن غير المحق ان يكون كلامه هذا غاب على مدى ثلاثة اعوام ونيف من وجوده في قصر بعبدا، وقبل ان تنفجر الازمة في الشارع، ما عكس رضى على الاداء المالي، ثبته التجديد لحاكم المركزي ست سنوات، والكل عالم ان الدستور اللبناني يحمي منصب حاكم المصرف من اي ‏تقلبات سياسية على صعيد السلطة، اذ لا يحق لها اقالته الا في حالات ثلاث: الاصابة بمرض عضال يمنعه من ‏القيام بواجباته، الخيانة العظمى، وتقديم استقالته بنفسه‎.‎ فلماذا التمديد والتجديد؟ الا اذا كانت السلطة تستخدم رصيده العالمي ونجاحاته كي يقوم باتصالات مع شركات ودول ‏للاستدانة حيث ان من دونه لم يكن بالامكان ذلك.