IMLebanon

هل يكون حتي “خشبة الخلاص الديبلوماسية” للبنان؟

ناصيف حتي. اسم جديد ستحفظه أروقة قصر بسترس، بعد أن تسلم وزارة الخارجية من رئيس التيار “الوطني الحر” جبران باسيل، الذي أمضى فيها ما يقارب السنوات الست. وإذا كانت هذه الحقيبة على رأس الوزارات المصنفة “سيادية” والتي تدور في سبيلها معارك سياسية طاحنة، فإن أحدا لا يمكن أن يشك في أن حتي تسلم مهمة شاقة في توقيت حساس جدا.

ذلك أن باسيل بحسب ما تقول أوساط سياسية لـ”المركزية” غادر الوزارة تاركًا لخلفه إرثًا قد يصح اعتباره مضنيًا، خصوصًا في ما يتعلق بضرورة تصحيح مسار علاقات لبنان الخارجية، بعدما أصيبت بنكسات كبيرة جراء بعض المواقف التي اتخذها باسيل في بعض المحافل العربية والدولية، والتي اعتبرها الغرب متماهية مع نظرة “حزب الله” إلى الأمور. ويذكر هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر، بأن موقفًا لباسيل عام 2016 من الصراع العربي مع إيران دفع دول الخليج إلى مقاطعة لبنان، ما حرمه عائدات السياحة الخليجية التي كان يعول عليها لتعويم اقتصاده المثقل بالديون والأزمات.

على أي حال، فإن الاوساط تعتبر أن آمالًا كبيرة معلقة على حتي لإعادة لبنان إلى موقعه الريادي على الخريطة العالمية، وتصحيح مسار علاقاته مع العالمين العربي والغربي، في وقت تبدو بيروت في أمسّ الحاجة إلى أي جرعة دعم تساهم في انتشالها من واحدة من أسوأ وأخطر الأزمات السياسية والاقتصادية على الاطلاق.

وتلفت إلى أن المجتمع الدولي يتشارك هذه الآمال مع بعض أفرقاء الداخل، بدليل الكلام الذي أطلقه المنسق الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في بيروت يان كوبيش، بعد لقائه حتي في الوزارة، حيث أشار إلى أن “المواضيع التي تناولها الاجتماع تم بحثها بشكل مهني جدًا نظرًا إلى الخلفية التي يتمتع بها الوزير حتي في العلاقات الدولية (…)”، مجددا التأكيد على “ضرورة أن تعمل الحكومة الجديدة على الالتزام بالتعهدات الأساسية والقرارات الدولية، والاستمرار في سياسة النأي بالنفس”.

وفي قراءة للرسائل المشفرة بين سطور كلام كوبيش، تعتبر الأوساط أنه يحمل انتقادًا مبطنًا إلى باسيل وسهما مباشرًا إلى “حزب الله” على اعتبار أن توجهه السياسي يعيق وضع سياسة النأي بالنفس على سكة الالتزام الجدي والفعلي.

في المقابل، تؤكد، أن حتي حدد موقعه وموقفه الديبلوماسي خلال حفل التسلم والتسليم الذي أقيم في الوزارة، مؤكدا أنه “يعمل عند رب عمل واحد هو لبنان”. وهو بذلك يرمي إلى إيصال رسالة واضحة إلى من يعنيهم الأمر: وزير الخارجية الجديد، الذي عمل على مدى أكثر من 20 عامًا في الجامعة العربية، وعين مستشارًا لأمينها العام، وكان سفيرًا لها في باريس وروما، متيقن من صعوبة وحراجة مهمته. لكنه أراد أن يؤكد أن لبنان يقف في موقع الدولة التي تريد البقاء بعيدة من صراعات المحاور الإقليمية، علمًا أن أمام حتي مهمة صعبة، لجهة إقناع واشنطن وباريس وسواهما من عواصم القرار أن لبنان بعيد من المحور الإيراني، فيما الصراع السياسي بين إيران وواشنطن دائر على أشده، والغرب يواصل استثماره في الأمن في لبنان، وفي ذلك رسائل سياسية متعددة الاتجاهات.