IMLebanon

محاصرة المحتجين للمعابر تدفع النواب للعبور سراً إلى البرلمان

كتب يوسف دياب في “الشرق الاوسط”:

نجح مئات المحتجين، الاثنين، في محاصرة مبنى المجلس النيابي اللبناني وقطع الطرق المؤدية إليه وسط بيروت، وذلك لمنع النواب من الوصول والمشاركة في إقرار الموازنة، وهو ما فرض على رئيس المجلس نبيه برّي حصر النقاشات بجلسة واحدة انتهت ظهراً بعدما كان مقرراً لها أن تستغرق يومين.

وتزامن انعقاد الجلسة التي حضرها 76 من أصل 128 نائباً، مع تحركات شعبية على الأرض، وإجراءات أمنية مشددة، فرضتها القوى الأمنية لا سيما فرقة مكافحة الشغب، بمؤازرة من وحدات الجيش اللبناني سواء في ساحة النجمة، أو الشوارع والممرات المؤدية إلى مقر البرلمان. ويحتج معارضون على إقرار الموازنة رغم تضمنها أرقاماً يقولون إنها لا تتطابق مع أرقام الواردات والنفقات، وتفتقر إلى إجراءات تخفيف العجز، ولا تضع حداً لتنامي الدين العام.

وتأثرت وقائع الجلسة داخل القاعة العامة بما يجري خارج المجلس، ما دفع بالرئيس برّي إلى منع أي نائب من مغادرة مبنى المجلس، لأنه لن يستطيع العودة إلى داخله. وقال: «عملنا السبعة وذمّتها حتى مكنّا النواب من الوصول إلى المجلس»، ولذلك فإنه يجب عدم السماح بخروجهم خشية ألا يتمكنوا من العودة. ودخل الكثير من النواب مقر المجلس في إطار خطة أمنية محكمة بقيت سريّة لتأمين انعقاد جلسة الموازنة، في وقت حصلت احتكاكات بين متظاهرين ومواكب بعض النواب، قبل أن يتدخّل الجيش ويسهّل اجتياز المشرّعين الحواجز البشرية التي أقامها المحتجون.

وشهدت مداخل مجلس النواب عمليات كرّ وفرّ بين القوى الأمنية والمتظاهرين الذين توزّعوا على كلّ المداخل المؤدية إلى مقرّ البرلمان، سواء من جهة ساحة الشهداء، باب إدريس، مدخل شارع المصارف، لكنّ أكثرها حدّة كانت عند المدخل القريب من مبنى صحيفة «النهار» حيث وقعت مواجهات بين فرقة مكافحة الشغب والمتظاهرين الذين تمكن بعضهم من إزالة السياج الشائك والعوائق الحديدية، ما استدعى تدخلاً فورياً للقوى الأمنية التي أخرجت المحتجين ودفعتهم إلى التراجع عشرات الأمتار، وعندها بدأ المحتجون برشق القوى الأمنية بالحجارة. وأفيد بوقوع عدد من الإصابات، إذ نقلت سيارات الصليب الأحمر ثمانية مصابين إلى المستشفيات، فيما قدّم مسعفون مساعدة لـ19 مصاباً في مكان المواجهات التي أدت إلى اعتقال أربعة أشخاص واقتيادهم إلى ثكنة الحلو التابعة لقوى الأمن الداخلي للتحقيق معهم.

وعبّر محتجون عن غضبهم للتعامل الأمني معهم بـ«طريقة مستفزّة»، مشيرين إلى نصب حواجز على الطريق بين طرابلس بيروت، حيث تم إخضاع القادمين من شمال لبنان إلى العاصمة عبر الحافلات إلى تدقيق بهوياتهم، ونزع أقنعة كان يرتديها بعضهم للوقاية من تأثيرات القنابل المسيلة للدموع والقنابل الدخانية. وأكد بعض المحتجين الاستمرار بـ«الضغط حتى إسقاط حكومة حسّان دياب، التي تشكل استمراراً للحكومة السابقة»، بحسب رأيهم. وطالبوا النواب الذين تغيّبوا عن جلسة إقرار الموازنة بـ«تقديم طعن أمام المجلس الدستوري لإبطالها، لأنها موازنة غير دستورية وستزيد من نسبة العجز في الموازنة، وخالية من أي بنود إصلاحية».

ويتخوّف المحتجون من اعتماد القوّة وسياسة القمع من قبل الحكومة الجديدة، حيال تحركاتهم. إلا أن مصدراً أمنياً نفى استخدام القوّة والعنف مع المتظاهرين بهدف وأد الانتفاضة الشعبية. وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن العناصر الأمنية «نفّذت مهمتها بنجاح في حفظ الأمن وتمكين النواب من الوصول إلى مقرّ المجلس». وقال: «ما زلنا ملتزمين بتعليمات وزير الداخلية (محمد فهمي) والمدير العام لقوى الأمن الداخلي (اللواء عماد عثمان)، الرامية إلى حماية المتظاهرين السلميين، وفي نفس الوقت منع أي محاولة للعبث بالأمن والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة». وأشار المصدر إلى أن «الإصابات التي وقعت في صفوف المحتجين (أمس) حصلت خلال عمليات التدافع وليس نتيجة اعتداء أو ضرب متعمّد لهم»، لافتاً إلى «إصابة بعض عناصر الأمن جراء رشقهم بالحجارة والعوائق الحديدية».

واعتبر الناشط في الحراك الشعبي الدكتور مكرم رباح أن «مشكلة لبنان ليست فقط اقتصادية ومالية، بل في السقوط السياسي الذي أوصل البلد إلى الإفلاس». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا خوف على الثورة رغم القمع الذي تتعرّض له». واعترف ضمناً بأن كثيرين انكفأوا وغادروا «ساحات الثورة»، جرّاء الهجوم المضاد عليهم من مناصري «حزب الله» وحلفائه، إلا أنه رأى أن «المواجهة مع المنظومة الفاسدة ليست في الساحات فحسب، بل في المجتمع ككل وحتى في البيوت، والثورة مستمرة حتى تحقيق أهدافها».