IMLebanon

صياغة البيان الوزاري تتعثّر

 إثر تكليف الرئيس حسان دياب، توّقع اللبنانيون تأليف الحكومة في سرعة قياسية، لأنها ستضم فقط أهل الخط السياسي عينه، لكن ذلك لم يحصل. السيناريو نفسه يبدو يتكرر اليوم، لكن على خشبة “البيان الوزاري”. ففيما كان من المتوقّع ان يبصر النور اثر اجتماع او اثنين للجنة الوزارية المكلّفة اعداده، وقد تردد ان المعنيين به وضعوا تصوّرا أوليا له، بهدف اختصار الوقت “الثمين”، وانه يكفي ادخال بعض التعديلات الطفيفة اليه، ليصبح جاهزا… أثبتت الوقائع ان الامر ليس بهذه السهولة! الحيّز الاكبر من البيان مخصص للأزمة الاقتصادية، حيث سيعرض للخطوات التي تنوي الحكومة اتخاذها لمعالجته، لكن على ما يبدو، لا رؤية واضحة وموحدة بعد لدى المكونات الوزارية لهذه الخطة (سيما في ما يخص طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، او لا، وسداد سندات اليوروبوند…)، ما يعقّد مسار اقراره.

واذا كانت الاتصالات التي يجريها رئيس الحكومة حسان دياب مع القوى التي سمّته، ومع “المفاتيح” الاقتصادية والمالية في البلاد، يُفترض ان تنتج في نهاية المطاف، خريطة طريق مشتركة تعتنقها وزارته وتسير في هديها في المرحلة المقبلة، فإن مصادر سياسية مراقبة تعرب عبر “المركزية” عن خشيتها من مطبّ أصعب وأخطر، “يكمن” للّجنة عند “كوع” القضايا السياسية والاستراتيجية المحلية منها والخارجية. دياب كان ينوي وفق المصادر، الاستعانة بما جاء في البيانات الوزارية السابقة لمقاربة ملف سلاح المقاومة والنأي بالنفس والحياد وعلاقة لبنان بمحيطه العربي والخليجي، وهو ربما سينجح في ذلك، فيهرب من “صداع” ايجاد فذلكات وعبارات جديدة لهذه المسائل الشائكة.

لكن ما لم يحسب له حساب، على الارجح، هو فتح أوراق التطبيع مع سوريا، الخلافي بامتياز في الداخل، مجددا، في هذا التوقيت الدقيق. فبحسب المصادر، تنوي قوى 8 آذار رفع هذا اللواء عاليا في المرحلة المقبلة. وفي هذه الخانة تحديدا، تصبّ المعلومات التي سوّقها إعلام “الفريق الممانع” اليوم، عن مساعدات روسية مالية ستتدفق الى بيروت، شرط تفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري بين الاخيرة ودمشق، من جهة، وزيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى سوريا، من جهة ثانية!  فإشاعة هذه المعطيات، التي سارعت اليوم أوساط السفارة الروسية الى نفيها، الهدف منها واضح، وهو – الى الترويج لفكرة ان خشبة الخلاص يمكن ان تأتينا من روسيا والصين، وليس فقط من الغرب- إيصالُ رسالة الى المعنيين بأن الانفتاح على دمشق يجب ان يُفعَّل سريعا مع انطلاق اعمال الحكومة الجديدة، خاصة وانها من لون واحد، وان عرّابها “السياسي” هو حزب الله.

ووفق المصادر، من غير المستبعد ان يضغط الوزراء المحسوبون على حزب الله وحركة امل في شكل خاص، والموجودون في لجنة البيان، لادخال ملف التطبيع والتعاون مع دمشق الى صلبه… والسؤال الذي يفرض نفسه تلقائيا في هذه الحال، هو كيف سينظر دياب الى القضية؟ وهل سيعتبرها مفيدة اقتصاديا للبنان الذي سيستفيد في حال انفتح على جارته؟هذا الموضوع دقيق جدا، تتابع المصادر، ولا بد للحكومة من التأني وتفادي اي دعسات ناقصة في شأنه. ففيما النظام السوري محط مقاطعة عربية ودولية حتى الساعة، قد يقفل اي تعاون لبناني رسمي مع دمشق، الابوابَ نهائيا، على الدعم الغربي المطلوب بإلحاح، في بيروت، لان حكومته ستصبح في نظر العالم، ليس فقط خارجة عن الحياد بل وفي قلب محور المقاومة في المنطقة. فأيهما أهمّ لحكومة دياب: الفوز ببعض المكاسب التجارية من دمشق وتحقيق مصالح حزب الله السياسية والاستراتيجية، أم تأمين دعم دولي وازن وحقيقي للبنان، وإنقاذه من المصير الاسود اقتصاديا؟