IMLebanon

مستندات وأرقام.. حبشي قام بواجبه الاستقصائي-الرقابي على أكمل وجه!

“مدجّجا” بأوراق وأرقام ومستندات، من العيار الثقيل، أطلّ عضو “الجمهورية القوية” النائب أنطوان حبشي على اللبنانيين أمس، في مؤتمر صحافي كشف فيه عن “فضائح” في قطاعي الاتصالات والطاقة، تفوح منها روائح الفساد والصفقات وهدر المال العام. هي المرة الاولى، منذ اندلاع ثورة 17 تشرين أقلّه، التي يقوم بها أحد نواب الامة، بواجبه “الرقابي” على أكمل وجه وبشكل محكم لا غبار عليه، فيعمل بصمت على التحضير لملفات يرفع اللبنانيون الصوت مناشدين بفتح “مغارتها” منذ اسابيع، قبل ان يخرج عليهم ليطلعهم على “غلّة” أبحاثه وتحقيقاته.

لا يمكن الا الاشادة بما قام به نائب بعلبك – الهرمل، سواء اتفقنا معه سياسيا، او لا. صحيح ان بعض خصومه أخذ عليه تطرّقَه الى وزارات كانت في عهدة فريق معيّن، مناشدا اياه البدء من “بيته”، وصحيح ايضا ان البعض الآخر رأى ان حبشي يحاول تحقيق نقاط شعبيا و”ركوب موجة الثورة”. الا ان هذين الموقفين، لا ينفيان حقيقة وجود “فساد” و”هدر” في وزارتي الطاقة والاتصالات، أثبتهما عضو “الجمهورية القوية” بالارقام والمستندات التي لا يمكن تكذيبها ولا دحضها. في الاشهر الماضية، حشرت الثورة أهلَ الحكم جميعهم وفرضت عليهم نقلَ “الاصلاح ومحاربة الفساد”، من مجرد شعار “فارغ” جميل برّاق يرددونه منذ سنوات، الى أفعال حسية. بعضهم لم يتمكّن من رفع التحدي، فواصل حربَه على الهدر “لفظيا” لا أكثر، فيما فريقٌ منهم، والقوات على رأسهم، انكبّت على هذه المهمة جديّا، (علما انها كانت تصدت مرارا وتكرارا من موقعها في قلب الحكومة لاتفاقات بالتراضي ولصفقات فساد)، فكانت النتيجة مؤتمر حبشي امس، ومتابعة زميله جورج عقيص مثلا لملف استرداد الاموال التي هربت الى الخارج، من كثب على مر الايام الماضية، حيث كشف ايضا عن دور سلبي للسلطات اللبنانية في هذه القضية.

وفي وقت تذكّر بـ”المستندات القادرة على ادخال رؤوس كبيرة الى السجن اذا تم الكشف عنها”، والتي يتحدث عنها منذ اشهر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، تشير مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” الى ان الوقت حان فعليا لابراز هذه الاوراق، ولورشة نيابية حقيقية عابرة للاصطفافات الحزبية والطائفية والمذهبية، لمحاربة الفساد. اما الاكتفاء بالكلام، فيما الخزينة خاوية والازمة الاقتصادية المالية تتهدد مستقبل البلاد، فيكاد يساوي في خطورته جريمة السرقة والنهب، نفسها… واذا كانت المعركة مع الفساد تبدأ من نقطة الاستقصاء فالاضاءة عليه، سواء من قِبل النواب او من قبل اي جهات رقابية أخرى، فإن الجزء الاهم من هذه الحرب، يجب ان يخوضها “القضاء”. ومن هنا، أهمية اعلان هذه السلطة انتفاضة على الذات، فتخلع عنها المحسوبيات والاعتبارات السياسية، وتدقق في ما يرد اليها بموضوعية وجديّة. ففي هذه المرحلة الدقيقة والمفصلية من عمر لبنان، يمكن للقضاء ان يلعب الدور الاكبر في انقاذ الجمهورية، إن هو حاسب جديا، ورمى الفاسدين مهما علا كعبهم، خلف القضبان، اذا ثبت ضلوعهم في إفقار الدولة والشعب اللبناني.. فهل يفعل؟

الآمال المعقودة على الجسم القضائي كبيرة، تتابع المصادر، وبدلا من التلهي في ملاحقة الثوار او مَن يُعتبَرون شخصيات مؤثّرة في صفوفهم، وبدل محاكمة هذا لانه حرّض على حرق صراف آلي، وذاك لانه أطعم المنتفضين “ساندويشات” وأمّن باصات لنقلهم الى الساحات، قد يكون من الافضل إخراجُ القضاة الملفات النائمة في الادراج وفتح اوراق الرؤوس الكبيرة التي أمعنت على مدى عقود، في هدر اموال الخزينة مقابل لا شيء لا في الكهرباء ولا في الطاقة ولا في البنى التحتية، فيما اللبنانيون باتوا اليوم “يشحذون” مدّخراتهم على ابواب المصارف.