IMLebanon

شدياق: الاعتبارات السياسية تطغى في ملف التوظيف العشوائي

في ظل حملة مكافحة الفساد التي من الضروري أن تطال كل القطاعات العامة، من الضروري التساؤل عن مصير الـ5500 موظف الذين دخلوا الإدارة كموظفين في الفترة التي سبقت الانتخابات واعتبرت الخطوة رشوة انتخابية وخلافا لقانون سلسلة الرتب والرواتب الذي منع التوظيف ودعا إلى القيام بمسح إداري لمعرفة حاجة لبنان وإدارته بعدما تبين أن هناك تخمة موظفين. فهل ستبادر حكومة الرئيس حسان دياب، وهي حكومة الإصلاح بامتياز وفق ما يقول أحد الوزراء، إلى إلغاء قرارات تعيين هؤلاء وإخراجهم من الإدارة، تطبيقا للقانون، والانصراف إلى وضع مسح اداري بالاستعانة بشركات عالمية متخصصة في الادارة؟ وهل ستوافق القوى التي كانت وراء الاتيان بالحكومة على هذه الخطوة الآن؟

وزيرة الدولة السابقة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق قالت، لـ”المركزية”: “عندما استلمت مهامي، كان التفتيش المركزي قد طلب اسماء الاشخاص الذين عيّنوا بعد صدور القانون 46 من سلسلة الرتب والرواتب في آب 2017 الذي يمنع التوظيف في المؤسسات والإدارات العامة. لم تكن الاسماء قد قُدّمت بعد الى التفتيش المركزي، فقدّمتها. وأُحيل الملف على ديوان المحاسبة وصدر القرار بعدد الذين تم توظيفهم خلافا للقانون في وزارة التنمية الادارية. التزمت تنفيذ القانون، إشارة إلى أن أحدهم ترك العمل من تلقاء نفسه، وآخر قدم استقالته بعد فترة، وبقي ستة موظفين من أصل تسعة”.

وأضافت: “تعاملت مع الموضوع بكل مهنية، رغم ذلك، بدأ البعض يلعب على وتر “ان هناك ظلما”، لكنني شخصيا أوقفت عقودهم بانتظار القرار الذي سيصدر عن مجلس شورى الدولة. لو تعاطت كل الوزارات مع الملف بالطريقة نفسها لما وصلنا الى ما وصلنا اليه. لكننا كنا نعلم سلفا – وكان يقال على طاولة مجلس الوزراء وفي كل الاجتماعات – ان بإمكاننا الاعتراض على التوظيف العشوائي وتسجيل موقف انما لن يتم اخذ اي قرار في هذا المجال، لأن من الواضح ان هذه التوظيفات بمعظمها سياسية تمّت قبيل الانتخابات النيابية الماضية. حتى في مجلس النواب، وفي لجنة الادارة والعدل ولجنة الاتصالات… وغيرها، يتحدثون عن توظيف عشوائي مخالف للقانون، لكن لا يقومون بأي خطوة لتوقيفه”.

وتابعت شدياق: “ديوان المحاسبة يعمل رويدا رويدا على إصدار قراراته، لكن لا يلتزم بها الجميع. فديوان المحاسبة يعتبر ان بعض هذه التوظيفات غير مخالف للقانون. جيد، ولكن الاشخاص الذين يعتبرهم مخالفين، لم لا يتم تطبيق القانون وتوقيفهم عن العمل؟”، معتبرةً أن “نية الفساد موجودة عن كل من ارتكب التوظيف العشوائي. الكل يطرح شعارات ضد التوظيف المخالف للقانون، وعند التطبيق الجميع يتراجع لأنه يعتبر ان فصل هؤلاء من وظيفتهم، سيؤثر على شعبيته، لأنهم ناخبون محتملون”.

إلى ذلك، رأت شدياق أن “لا ذنب للاشخاص الذين توظفوا وأتفهم موقفهم، وأنهم نظموا حياتهم على اساس هذه الوظيفة”، لافتة الى أن “من يجب ان يُحاكَم ويحمل تبعية مخالفة القانون هو الوزير او المعني الذي سماهم، والموظفون تتوقف عقودهم فقط”. وتساءلت: “مَن في الدولة مستعد لتحمل أعباء خطأ قام به، وكيف سيقبل من توظف ان يتوقف عمله؟”، جازمةً بـ”أننا امام خيارين، إما تطبيق القانون وإما مخالفته. لكن بما ان القانون ينص على امر ما، يجب تطبيقه، وإلا لِمَ أصدروه؟”، مشددة على أن “الاعتبارات السياسية هي التي تطغى في الملف، وبدل شكرنا عند تطبيق القانون، يتم انتقادنا، ويتهموننا بأننا فصلنا موظفين من فئة معينة، في حين ان من وظفهم هو من فئة معينة، وكل ما فعلناه تطبيق القانون”.

كيف ستتم معالجة الموضوع؟ أجابت: “على الطريقة اللبنانية كالعادة، لأنهم لو أرادوا تطبيق القانون لفعلوا كما فعلت انا في الوزارة. وكل من صدر بحقهم انهم مخالفون من قبل النيابة العامة لديوان المحاسبة كان يجب تعليق عقودهم بانتظار الحكم النهائي من مجلس شورى الدولة”. لكنها، في المقابل، أكدت أن “لا يمكن ايقاف عجلة المؤسسات، والتوظيف كان متاحا في حال الضرورة، ضمن اطر معينة كتعيين خبراء مثلا عبر المنظمات الدولية”.

ولفتت شدياق إلى “وجود نقص في العديد في بعض المؤسسات والادارات العامة كالتفتيش المركزي وديوان المحاسبة الذي يقوم بالتدقيق في الحسابات المالية للدولة، وكنت خلال التواصل مع المنظمات الدولية لدى قيامنا بمشاريع مشتركة، احاول ان ارى ما يمكننا فعله وبأي طريقة يمكننا المساعدة لإنجاز المهام الموكلة على اليهم”، موضحةً “أننا لم نتمكن مثلا من الدخول الى شراكة حكومية مفتوحة لأن لدينا قانون حق الوصول الى المعلومات لكن ليس لدينا تدقيق كامل في الحسابات لكل السنوات، بسبب النقص في عدد الموظفين (فريق العمل لا يتخطى العشرة أشخاص)”.

وعن نقل موظفين من إدارة إلى أخرى حسب الحاجة، قالت: “لم تكن الامور تتم بطريقة سهلة عندما كنا نقول للموظفين إننا نريد نقلهم، طالما ان لا عمل لهم حيث يتواجدون”.

وختمت: “قمنا بعدد كبير من الانجازات في وزارة التنمية الادارية، من دراسات وأعمال ووضع استراتيجية لمكافحة الفساد، إضافة إلى استراتيجية التحوّل الرقمي التي قدمناها إلى اللجان الوزارية بعد ان انتهينا من درسها، إلى جانب مشاريع اخرى كنا في صدد العمل عليها مع صندوق النقد الدولي والصندوق العربي بالنسبة للسجل التجاري والمناقصات والتحصيل الالكتروني. سلّمت ملفاتي الى الوزير دميانوس قطار، وأتمنى ان يقوم باستكمال ما بدأنا به، لأن العمل استمرارية وهذه الملفات اساسية للنهوض بالبلد”.