IMLebanon

بعد مواجهتهم أمنيًا… السلطة ترمي كرة نار الثورة في ملعب القضاء

تُخطئ المنظومة السياسية الحاكمة، وتُراكم الاخطاء في تعاطيها مع الثورة الشعبية التي بلغت يومها الثامن بعد المئة. فبعدما اخفقت كل محاولاتها السابقة لاجهاضها، ترغيبا وترهيبا وقمعا وعنفا، استنبطت من بنات افكارها جديد استدعاء الثوار والناشطين الى القضاء للتحقيق معهم في كيفية حصولهم على التمويل والجهات التي تؤمن مستلزمات الانتفاضة الشعبية من مأكل ومشرب وتنقل بين ساحات الثورة. اخرجت من قبعتها ارنب التحقيق مع من دأبوا على اطعام المتظاهرين في الساحات وصولا الى نسوة مطبخ الثورة اللواتي اكدن اعداد “السندويشات” من مالهن الخاص ونفَين تلقيهن تمويلا خارجيا الا من لبنانيين ثوار في الخارج، لا من سفارات ولا من تنظيمات تقف خلف مخططات خبيثة تعدها للبنان.

سبحة الاستدعاءات تكر يوميا. واذا كان بعض المستدعين اطلق سراحهم خلال ساعات اثر توقيفهم في ثكنات الجيش وقوى الامن الداخلي تحت وطأة ضغط زملائهم في الشارع، فإن آخرين ما زالوا يقبعون في الدوائر الامنية او القضائية في انتظار انتهاء التحقيقات لاتخاذ المقتضى، باعتبار ان التهم المنسوبة اليهم من قطع طرق وتخريب ممتلكات عامة وخاصة توجب المزيد من التحقيق والوقت، وقد رد قاضي التحقيق في جبل لبنان بسام الحاج طلبات إخلاء السبيل للموقوفين ربيع الزين وجورج قزي ومحمد سرور، وحدد الاثنين موعدا لاستكمال التحقيقات وطلب الاستماع لشهادة آخرين.

ومع الاقرار بأهمية القانون وتطبيقه، الا ان اوساطا في الثورة تدرج استدعاء الناشطين في اطار الضغط على الثوار من جهة وترهيب اللبنانيين ممن يدعمون الانتفاضة لكنهم لا يشاركون ميدانيا في التظاهرات لجملة اسباب، بهدف ثنيهم حتى عن مجرد التفكير بالعودة الى الشارع اذا ما استدعى الامر ذلك، لأنهم قد يلقون المصير نفسه. واشارت، عبر “المركزية”، الى ان استراتيجية السلطة السياسية في هذه المرحلة ترتكز الى ممارسة كل انواع الضغط لإنهاء الثورة من خلال عنصر الترهيب، سواء من خلال الاستدعاءات او سحب العناصر الامنية التي كانت مولجة حماية ساحات التظاهر واعادة  فتح الطريق امام مبنى “النهار” تمهيدا لإزالة خيم الاعتصام ومنع التظاهر في الطرقات وامام بعض المؤسسات، واذا امكن فقبل جلسة الثقة بالحكومة التي سيدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري على اثر اقرار حكومة الرئيس حسان دياب البيان الوزاري، لاسيما ان السلطة السياسية تشعر بما تعده الثورة لهذا اليوم لمنع وصول النواب الى المجلس ومنح حكومة لا تلبي تطلعاتهم ثقة لا يريدها الشعب، مصدر كل السلطات.

وتشدد الاوساط على ان اجراءات السلطة القمعية هذه لن يكون لها فعل وتأثير الا في مجال زيادة الثوار عزما على مواجهتها، موضحة ان اخطر ما في الامر ان المنظومة السياسية، بعدما وضعت المتظاهرين في مواجهة الاجهزة الامنية تضعهم اليوم في مواجهة القضاء الذي لها فيه اليد الطولى، الى حين تحقيق مطلب ترميم الدولة او اعادة بنائها باعتبار ان ما تبقى منها اليوم لم يعد صالحا. وإذ تراهن الاوساط على صحوة قضائية تمنع محاولة رمي كرة النار هذه في الملعب القضائي، وتحرر القضاة من قبضة السياسيين، تدعوهم عوض استدعاء من يثورون ضد المنظومة السياسية الفاسدة الى التحقيق، دعوة الفاسدين في هذه المنظومة للتحقيق معهم في فسادهم ووضع المرتكبين منهم وهم الاكثرية خلف القضبان التي لا تليق بشباب الثورة المنتفضين لكراماتهم.

وتؤكد ان محاولات لجم اللبنانيين عن التظاهر وتقليص اعدادهم ايحاء بأن اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري لبى مطلبهم وأن حكومة “حزب الله” هي المنقذ ستبوء بالفشل، تماما كما المواقف الترهيبية وليست بعيدة منها رسالة رئيس مجلس النواب نبيه بري للحركيين امس، بما تضمنت. وكما تتفنن السلطة ومؤيدوها في أساليب إجهاض الانتفاضة، يبدع اللبنانيون في مظاهر ثورتهم… ويوم “منع الثقة” لناظره قريب…