IMLebanon

الى بولا يعقوبيان…بمحبة! (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد في موقع “IMLebanon”:

قالت النائبة بولا يعقوبيان في إطلالتها الأخيرة ضمن برنامج “صار الوقت” مع الزميل مرسيل غانم: “لا مصلحة لنا بالانقضاض على “حزب الله” والانصياع للخطاب الأميركي التحريضي عليه، وهناك معلومات عن رغبة أميركية تحديداً لتدمير لبنان على رأس “حزب الله”!

كلام يعقوبيان يحمل جوانب خطرة جداً من نائبة يُفترض أنها حريصة على الوضعين المالي والاقتصادي في لبنان. فإذا كان صحيحاً أن لا أحد من اللبنانيين يرغب أو يفكر أو يسعى إلى الانقضاض على “حزب الله” وخصوصا أن لا إمكانات لذلك، ولطالما عبّر المسؤولون عن أزمة سلاح الحزب بأنها مشكلة إقليمية وحلها يجب أن يكون إقليمياً، فإن الصحيح أيضاً أن “حزب الله” حمّل لبنان ما لا قدرة على احتماله نتيجة تبعات تنفيذ الحزب الأجندة الإيرانية، ونتيجة مغامراته في المنطقة من سوريا مروراً بالعراق وصولاً إلى اليمن، ونتيجة تحوّله رأس حربة في معاداة الدول العربية والخليجية تحديداً، كما في معاداة الولايات المتحدة.

وما نورده لا يتعلّق بالسياسة تحديداً بل بخطورة التموضع الذي أوصل الحزب لبنان إليه إلى جانب إيران في مواجهة المجتمعين العربي والغربي. هكذا خسر لبنان ماليا واقتصاديا الآتي:

ـ خسر كل فرص الدعم المالية التي لطالما وفرتها الدول الخليجية للبنان، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتين كانتا تقدمان دائما الودائع المالية إلى مصرف لبنان لحماية الاستقرار المالي والنقدي ودعم سعر صرف العملة اللبنانية.

ـ خسرنا أيضاً كل الاستثمارات العربية التي لطالما أتتنا من السعودية والإمارات في قطاعات السياحة والعقارات والتي كانت تدرّ مليارات الدولارات، ولن نُغفل واقع خسارة جميع السواح الخليجيين الذين لطالما كانوا ينفقون مئات ملايين الدولارات في لبنان وينشطون القطاع السياحي الذي يعيل أكثر من ثلث اللبنانيين سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

ـ أما على الصعيد الدولي، فقد تسبب وضع لبنان إلى جانب إيران في مواجهة الولايات المتحدة في سلسلة عقوبات على “حزب الله” انعكست على جميع اللبنانيين وعلى القطاع المصرفي، ما أدى الى هروب أصحاب الرساميل من لبنان. كما أن شروط إمكانات تلقي المساعدات من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي باتت أصعب جداً بفعل التأثير الأميركي الكبير على هاتين المؤسستين. ولن ننسى أن كل الوعود القطرية بمساعدة حكومة الرئيس حسان دياب تبخّرت بفعل عدم رغبة الدوحة في مخالفة التوجهات الأميركية.

في الخلاصة، وباختصار ولعدم الإطالة، يبدو أن الأمور اختلطت بالكامل على النائبة بولا يعقوبيان التي أرادت تبييض صفحتها أمام “حزب الله” بطريقة سطحية جداً، فتغاضت عما ارتكبه ويرتكبه الحزب، وهو المساهم الأساس في إيصال لبنان إلى الحضيض مالياً واقتصادياً. والسؤال الأهم في هذا الإطار: من يجب أن يكون في صلب أولوياته تجنيب لبنان المخاطر المالية والاقتصادية: واشنطن أم “حزب الله”؟ وهل مصالح لبنان المالية والاقتصادية تكمن في أن يكون في أفضل العلاقات مع الولايات المتحدة والسعودية والإمارات أم مع إيران ومصالحها ولو أدى ذلك إلى تدمير لبنان على رؤوس جميع أبنائه؟!

قد يكون مفيداً للنائبة بولا يعقوبيان أن ترى الحقيقة من جوانبها كافة وإنطلاقاً من المصلحة الوطنية اللبنانية العليا، وستقتنع عندها أن من يمنع التغيير الشامل في لبنان للإطاحة بكل الفساد والفاسدين هو عملياً “حزب الله” الذي يتحكم بمفاصل القرارات الداخلية إنما يجيّرها لتلبية المصالح الإيرانية لا اللبنانية، وليس الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي من الطبيعي أن يكون لا يأبه نهائياً بمصير لبنان واللبنانيين لأنه يبحث عن مصالح الولايات المتحدة حصراً في مواجهة إيران فلا يقيم حساباً للبنان، تماماً كما يفعل “حزب الله” عندما ينفذ مصالح إيران في مواجهة الولايات المتحدة من دون أن يقيم أي حساب للمصالح اللبنانية. والفرق الوحيد هو أنه يُفترض بـ”حزب الله” أن يكون لبنانياً وليس دونالد ترامب!