IMLebanon

“القوات” تحجب الثقة دستورياً والناس تحجبها سياسياً

كتب رولان خاطر في صحيفة “الجمهورية”:

منذ انتفاضة 17 تشرين، كانت العين دائماً على «القوات اللبنانية». إذ لا يختلف اثنان انّ «القوات»، ومن دون سابق تصور وتصميم، كانت عصب الانتفاضة ومدماكاً في نجاحها منذ انطلاقتها لسبب فكري عقائدي جماعي قبل أي شيء آخر.

منذ اجتماع 2 أيلول 2019، بدأت «القوات» انتفاضتها على الحكم وأركان السلطة، الذين أوصلوا البلد الى ما وصل إليه، يوم نادى رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، وخروج كل الطاقم السياسي منها.

تماهت «القوات» مع الانتفاضة منذ انطلاقتها، من أجلها كانت اول من انسحب من الحكومة. ورفضت لاحقاً تسمية الرئيس سعد الحريري. وقاطعت أول جلسة حدّدها رئيس المجلس نبيه بري لإمرار الموازنة، وامتنعت عن حضور جلسة الموازنة الأسبوع الماضي أيضاً. وهي لا تزال مصرّة على انّ الحلّ يكمن بحكومة اختصاصيين مستقلّين غير تابعين لأحزاب وسياسيين.

وامام استحقاق منح الثقة لحكومة حسان دياب الأسبوع المقبل، اكّد جعجع عدم منح الثقة للحكومة. وتؤكّد «القوات» تماهيها التام مع قواعدها والشارع التي هي جزء منه، لتطمئنهم إلى انّها أيضاً انتفاضة في السلطتين التنفيذية والتشريعية. وإنّ الحملة على الفساد التي يقودها الشارع يجب ان توازيها حملات من داخل السلطة، والمؤتمر الأخير للنائب أنطوان حبشي يُنذر بأنّ الحرب على الفساد فُتحت، ولا استثناء لأحد.

انطلاقاً من هذا الواقع، تقول مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»، انّها ستشارك في جلسة الثقة انطلاقاً من الاعتبارات الآتية:

– أولا، تختلف جلسة الثقة عن جلسة إقرار قانون العفو او الموازنة، وتندرج في سياق مسار دستوري بدأ مع استشارات التكليف واستُكمل مع استشارات التأليف وينتهي مع جلسة الثقة، وبالتالي لا يمكنها ان تتغيّب عن مسار دستوري وجلسة تشريعية.

– ثانياً، لا ترى «القوات» اي تناقض بين موقفها من تحت قبة البرلمان وبين موقف الناس في الشارع، بل ترى على العكس مشهداً تكاملياً من داخل المؤسسات وخارجها.

– ثالثاً، الناس فوضّت إلى «القوات اللبنانية» في الانتخابات الأخيرة الكلام باسمها، وهذه الوكالة غير قابلة للعزل إلّا في انتخابات مبكرة أو في توقيتها. وفي الانتظار لن تتخلّى «القوات» عن دورها الوطني والمجلسي والمؤسساتي، كما لن تتخلّى عن دورها إلى جانب الناس في كل ساحات النضال السلمي، سعياً لإخراج لبنان من أزمته المالية.

– رابعاً، التركيز الأساس لدى الناس كان ولا يزال حول شكل الحكومة وطبيعتها، وذلك من استقالة السابقة إلى تشكيل اللاحقة على أساس حكومة اختصاصيين مستقلين، ولا حاجة للتذكير، أنّ «القوات» كانت السبّاقة على هذا المستوى بالدعوة إلى حكومة من هذا النوع في اجتماع بعبدا الاقتصادي الذي ضمّ إلى الرؤساء الثلاثة رؤساء الأحزاب. ومن هذا المنطلق المشاركة في الجلسة ضرورية للتعبير باسم الناس الموجودين في الشارع وفي منازلهم عن خطيئة عدم تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلّين تشكّل وحدها المعبر إلى إنقاذ لبنان.

– خامساً، انّ «القوات» حريصة دائماً على أن تكون صوت الناس الساعين إلى التغيير ضمن المؤسسات والأنظمة المرعية، وهنا بالذات تكمن أهمية المزاوجة بين ضغط الناس في الشارع وضغط «القوات» وغيرها من داخل المؤسسات، بغية تحقيق الأهداف المنشودة.

– سادساً، تعتبر «القوات» انّ مشاركتها في جلسة الثقة هي حلقة من حلقات توزيع الأدوار بينها وبين الناس، الذين سيعبِّرون في الشارع عن موقفهم، فيما هي ستكون صوت الناس في البرلمان.

– سابعاً، لن تمنح «القوات» الثقة للحكومة داخل المجلس، وهذا دورها الطبيعي. كما انّ الناس لن يمنحوا هذه الحكومة الثقة في الشارع، وهذا دورهم الطبيعي أيضاً. ولكن لا «القوات» ولا الناس في وارد الانقلاب على المؤسسات والمسار الدستوري، خصوصاً انّ المطروح اليوم هو شرعية الحكومة لا شرعية مجلس النواب.

– ثامناً، انّ «القوات» ستكون السبّاقة إلى انتخابات نيابية مبكرة وفق القانون النافذ، لأنّ كل من يفتح النقاش في تغيير القانون لا يريد الانتخابات المبكرة، فيما هي مع الناس من أجل انتخابات مبكرة تؤدي إلى التغيير عبر صناديق الاقتراع والمسار الدستوري.

– تاسعاً، تعتبر «القوات» انّ الأولوية القصوى اليوم هي لإخراج لبنان من أزمته المالية، لأنّ نصف الشعب اللبناني بات تحت خط الفقر، لذلك كان الرهان على أولوية تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين من أجل إعادة وضع لبنان على السكة المالية الصحيحة.

– عاشراً، تتمّسك «القوات» بالدستور والقوانين، وتعتبر انّ أحد وجوه الأزمة اللّبنانية يكمن في عدم التقيُّد بالدستور ونصوصه، ومن هذا المنطلق تدعو الناس، الذين أعطوا الأمل بولادة لبنان الجديد، إلى ان يشكّلوا المثل والمثال لجهة التشديد على ضرورة الالتزام بالدستور، ما يعني انّ حضور جلسة الثقة هو فعل دستوري وضروري، وحجب الثقة يحصل داخل الجلسة دستورياً، ويترافق مع حجب ثقة شعبي سياسياً، ولكن لا يجوز إطلاقاً تغييب المسار الدستوري.