IMLebanon

حكومة دياب بين تفهم باريس وتشدد واشنطن

لا يختلف إثنان على أن المجتمع الدولي يرصد بكثير من الدقة والترقب الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب، منتظرا الالتزام الجدي بتنفيذ الاصلاحات الموعودة تمهيدا للمساعدات المنتظرة.

غير أن هذا لا ينفي أن التشكيلة الحكومية تبدو أسيرة تيارين دوليين يتنازعانها، بين مؤيدي فكرة إعطائها فترة سماح تتيح لها تسجيل بعض الانجازات، وآخرين من أنصار التشدد في مقاربة الملف اللبناني والمضي في السياسة القائمة على مواجهة تمدد نفوذ حزب الله في صفوف السلطة، ومن ورائه الهيمنة الايرانية على القرار اللبناني الرسمي.

وتكشف أوساط ديبلوماسية غربية لـ “المركزية” أن رياح هذا التباين الدولي تعصف بقوة بين فرنسا والولايات المتحدة. ذلك أن باريس، التي كانت الراعية الأولى للمؤتمرات الدولية المخصصة لمساعدة لبنان، تبدو من الداعمين لفكرة منح الحكومة الجديدة فترة سماح تمتد على مئة يوم لتضع الاصلاحات المطلوبة على السكة. وفي الموازاة، من المفترض أن تسعى “الأم الحنون” إلى مساعدة بيروت لتبعد عنها كأس الانهيار المالي، على وقع التطورات المتسارعة في المنطقة، خصوصا في سوريا والعراق، حيث الصراع بين ايران والولايات المتحدة على أشده، في ظل شارع عراقي ملتهب.

في المقابل، تبدو إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب متمسكة بسياسة التشدد في مواجهة طهران ونفوذها المتنامي في لبنان، من باب إمساك حزب الله بمفاصل القرار الرسمي، بدليل الاستمرار في فرض العقوبات على شخصيات ورجال أعمال تشتبه واشنطن في كونهم يساهمون في تمويل نشاطات الحزب.

وإذا كانت الأوساط الديبلوماسية تسلم بأن إدارة الرئيس ترامب لن تغير هذه الخطوط العريضة لمقاربتها الملف الايراني وتفرعاته الاقليمية، فإنها تكشف أن رأيين يتنازعان أروقة صنع القرار الاميركي. بدليل أن ما يعرف بـ “الجناح المتشدد” في هذه الادارة يبدو مصرا على المضي في فرض العقوبات الاقتصادية القاسية في محاولة لدفع الشعب اللبناني إلى الانتفاضة على الحزب وترسانته العسكرية، من منطلق أن لبنان بأكمله يدفع ثمن سلاح غير شرعي لا يلتقي مع مفهوم الدولة القوية ومبادئ القانون الدولي التي يسير بهديها شركاء لبنان والدول الداعمة له.

على الضفة المقابلة، تؤكد الأوساط الديبلوماسية أن في الخارجية الأميركية بعض من هم على دراية بما اصطلح على تسميتها “الخصوصية اللبنانية”، من حيث الاقتناع بأن الحلول للأزمات لا تأتي بالقوة، بل تكون نتاج الحوار، ومساعدة لبنان ودعمه ليتمكن من خوض المواجهة مع حزب الله، في منطقة تلتهب يوميا بنيران التطورات السياسية، ما يفسر الاصرار الأميركي على المضي في مد الجيش والقوى الأمنية الشرعية بالمساعدات الهادفة إلى تحصينها وتعزيز موقعها مدافعا أول عن لبنان وسيادته وأمنه واستقراره.

وتشير الأوساط إلى أن المدافعين الأميركيين عن وجهة النظر هذه يبدون متيقنين من أن المفاوضات المرتقبة مع ايران حول ملف السلاح النووي ستتطرق إلى قضية ترسانة حزب الله، على اعتبار أن وظيفته تتجاوز رسم “قواعد الاشتباك المحلي”،  إلى مهمة اقليمية لا يمكن أن تنتهي إلا بتسوية اقليمية شاملة يكتب المجتمعون إلى طاولة المفاوضات الايرانية- الدولية أول معالمها.