IMLebanon

“قنبلة” بري عن تحويل الأموال: لحلحلة اقتصادية أم تصفية حسابات؟

في بلد على شفير الانهيار، ليس مقبولا ان يطلّ على الرأي العام اللبناني مسؤولٌ بحجم رئيس مجلس النواب، ليفجّر قنبلة من العيار الثقيل يقول فيها ان “خمسة مصارف تأكدنا ان أصحابها حولوا أموالهم الشخصية الى الخارج وتقدر بمليارين و300 مليون دولار”، من دون ان يذهب أبعد في كلامه. ففيما اموال المودعين الصغار محجوزة في البنوك، وفي وقت يقف اللبنانيون في “طوابير الذل” على ابواب المصارف لـ”يشحدوا” بـ”القطارة” معاشاتهم أو ما بقي منها، لا يمكن ان يكشف بري معلومة بهذا الحجم، من دون ان يفصّلها ويميط اللثام عن جوانبها كافة، ويواكبها حتى نهاياتها. فبحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، الاكتفاء بالحديث في “العموميات” لا يفيد، ولا يردّ فلسا واحدا من الاموال التي هُرّبت وساهمت في تعميق الازمة المالية الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

والمطلوب من رئيس المجلس، تضيف المصادر، رفع النقاب عن اسماء المعنيين لإطلاع اللبنانيين على هوياتهم وإشفاء غليلهم، وإلا فحملُ الملف الى القضاء لمتابعته قانونيا. اما دون ذلك، فيدل الى ان اثارة هذه القضية ليس الهدف منها المساعدة على الخروج من المأزق، بل تحقيق أهداف سياسية.

فمَن يدري، تقول المصادر، قد يكون ما تحدّث عنه بري، يأتي للضغط على المصارف عموما وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة خصوصا، لدفعهم الى تبنّي وجهة نظر فريقه السياسي في ما يخص سندات اليوروبوند مثلا، وغيرها من الملفات، بعد ان لمس انه ميّال الى وجهة نظر الفريق الوزاري الآخر. وقد يكون الغرض منه ايضا كيدية سياسية او تصفية حسابات بين المكونات الوزارية. فلم يعد سرّا منذ الامس، ان داخل بيت حكومة اللون الواحد، منازل كثيرة، بعد ان أفصح رئيس مجلس النواب في لقاء الاربعاء، عن عدم رضاه على الخطة التي اعتُمدت في البيان الوزاري للتعاطي مع ملف الكهرباء، علما ان وزراء “أمل” كانوا حاضرين في قلب اللجنة التي صاغته. كما برز ايضا الاجتماع المالي المذهبي الطابع الذي عُقد امس في عين التينة وقد أتى ليدل الى وجود رؤى متضاربة بين اهل الحكم لكيفية مقاربة التحديات المطروحة، بين بعبدا، وعين التينة، والسراي!

على اي حال، تشير المصادر الى ان سياسة طرح الملفات التي تفوح منها روائح الفساد والصفقات، في “الاعلام” فقط، ليست جديدة في لبنان. فعلى هذا النهج مثلا، يسير منذ أشهر نائب “الوفاء للمقاومة” رئيس لجنة الاعلام والاتصالات سابقا حسن فضل الله الذي قال مرارا وتكرارا ان في حوزته “مستندات، اذا كشف عنها، سترسل رؤوسا كبيرة الى السجن”، الا انه لم يحمل ورقة منها، الى القضاء، خلافا لنائب الجمهورية القوية انطوان حبشي الذي وضع في عهدة القضاء منذ ايام ملفا متكاملا مدعّما بالوثائق والمستندات، عن فساد في وزارتي الاتصالات والطاقة.

في عود على بدء، تقول المصادر ان الاصلاح الحقيقي ووضع قطار الانقاذ الاقتصادي على السكة فعليا يتطلبان افعالا حسية لا اقوالا. وفي مرحلة بهذه الدقة، استسهال مَن هم في موقع المسؤولية والقرار، اطلاقَ مواقف كبيرة من دون متابعتها، خطير، ويفاقم النقمة الشعبية والازمة المالية، ولا يحلّها… فهل يتصرّفون ام يكتفون بالكلام؟

الجدير ذكره أن المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم اجتمع بلجنة الرقابة على المصارف اليوم وتم البحث في قضية التحويلات البالغة 2.3 مليار دولار وانه جرى طلب العديد من التوضيحات والتفسيرات خصوصا لجهة شرعية او عدم شرعية الأموال المحولة. وكانت لجنة الرقابة اشارت الى ان “ما ورد من معلومات عن ان التحاويل بمبلغ 2.3 مليار دولار هي لأصحاب المصارف غير دقيق ومغلوط والمصارف كلها قامت بتحاويل ولا يحق قانونا للجنة معرفة أصحابها”.