IMLebanon

المستقلون بيضة القبان والاتكال على 14 آذار لتأمين النصاب

تجاوزت حكومة الرئيس حسان دياب بنجاح مطب إقرار البيان الوزاري بالاجماع في جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا. غير أن هذا لا ينفي أن اللغم الأهم أمام إنطلاق عملها بصورة رسمية وجدية يبقى في قدرتها على تمرير امتحان الثقة في مجلس النواب، بنجاح أو على الأقل، بأقل الأضرار الممكنة. ذلك أن الشارع المنتفض الذي لم يتأخر في التعبير عن امتعاضه إزاء تشكيل فريق وزاري لا يلبي طموحاته ومطالبه التي صارت معروفة وواضحة، بدأ يحشد ويعد العدة بقوة للتحرك ميدانيا بهدف منع “نواب الأمة” من الوصول إلى البرلمان، ومد الحكومة بجرعة الثقة التي تنتظرها. وهو ما نجح الحراك في القيام به، حيث منع انعقاد الجلسة المخصصة للتصويت على اقتراح قانون العفو العام في تشرين الثاني الفائت.

على أن الأهم يكمن في أن الشارع ليس المكون الوحيد المناوئ لفريق الرئيس دياب، حيث أن قوى سياسية كثيرة، لا سيما تلك التي لم تخف يوما تموضعها المعارض ولا دعمها لثورة 17 تشرين، تستعد هي الأخرى للجلسة النيابية، على اعتبارها مناسبة لـ “جلد” الفريق الوزاري الجديد، وممارسة القنص السياسي المركّز في اتجاه الأطراف الذين شاركوا بفاعلية في وضع الطبخة الحكومية تعتبرها المعارضة “حكومة اللون الواحد”، وإن بذل المعنيون كثيرا من الجهود لمحاولة “تجميل” هذا الواقع.

روكز: إنطلاقا من هذا المشهدـ، تبدو مواقف غالبية الكتل النيابية من الثقة والمشاركة في الجلسة المزمع عقدها الثلثاء المقبل مبدئيا، واضحة. غير أن النواب المستقلين يبدون اليوم في موقع بيضة القبان، علما أن عددا لا بأس به منهم لم يحسم أمره بعد، مفضلا الإطلاع على النسخة النهائية من البيان الوزاري ليبني على الشيء مقتضاه. وهذه حال النائب شامل روكز الذي خلع حديثا عباءة تكتل لبنان القوي، بعد سلسلة مواقف كانت تشي بأنه لم يعد يتماهى مع المواقف “البرتقالية” منذ التصويت على موازنة العام 2019 في تموز الماضي. وأكد روكز لـ”المركزية” أنه لم يتخذ بعد قراره النهائي في شأن إعطاء الحكومة الثقة من عدمه. غير أنه أشار إلى “عدم رضى عن المسار العام للأمور”، مشددا على أهمية الاطلاع على النسخة النهائية للبيان الوزاري.

القومي: بدوره، يتريث الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي آثر البقاء خارج المطبخ الحكومي بعدما فشل في ضم نقيبة المحامين السابقة أمل حداد إليه، في تحديد موقفه، المتوقع أن يصدر عقب اجتماع لقيادة الحزب عصر اليوم، على ما أفاد النائب أسعد حردان “المركزية”، مشيرا إلى أن اللقاء يشكل مناسبة للحزب لدراسة البيان الوزاري في نسخته النهائية ليبنى على الشيء مقتضاه.

اللقاء التشاوري: وإلى جانب التساؤلات حول موقف الحزب القومي، تحوم علامات استفهام كثيرة حول أعضاء اللقاء التشاوري السني (المعارض لـ”تيار المستقب”)، والموقف الذي سيتخذونه من الجلسة، خصوصا بعد المعلومات التي تحدثت أخيرا عن اعتراض النائب جهاد الصمد على طريقة تأليف الحكومة، وهو ما دل إلى أن الصمد قد يتجه إلى مقاطعة الجلسة وتاليا حجب الثقة عن الحكومة. غير أن النائب عبد الرحيم مراد فضل عبر “المركزية ” عدم الغوص في هذا النوع من السجالات، مؤكدا أن أعضاء اللقاء سيشاركون في الجلسة، ويؤيدون الحكومة الجديدة مذكرا بأن اللقاء كان سمى وزير الاتصالات طلال حواط لتمثيله في الحكومة. وكان له ما أراد.

على الضفة المقابلة، يتوقع المراقبون أن يحجب كثير من النواب المستقلين الثقة عن الحكومة الجديدة كالنائبين بولا يعقوبيان وأسامة سعد، وهما اللذان لم يخفيا امتعاضهما مما اعتبراه “استمرار نهج المحاصصة”.

وإذا كان يعقوبيان وسعد يلتقيان في هذا الموقف مع القوات اللبنانية التي أعلنت، على لسان رئيسها سمير جعجع، أنها ستحضر الجلسة من غير أن تعطي ثقتها للحكومة، فإن أنظار المراقبين تتجه أولا إلى المختارة، والقرار الذي ستتخذه. ذلك أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي أطلق في الفترة الأخيرة مواقف مناوئة للعهد والحكومة، عاد وأمن، مع تيار المستقبل، نصاب انعقاد جلسة التصويت على الموازنة (على رغم اعتراض الثوار) ، وعبر أخيرا في حديث صحافي عن رغبته في “إعطاء الحكومة فرصة”. هذا المشهد دفع إلى الكلام عن احتمالات عودة تحالف 14 آذار إلى الحياة من باب الالتقاء على معارضة الحكومة ودعم الحراك الشعبي.

الكتائب: إلا أن عضو كتلة الكتائب النائب الياس حنكش أعلن لـ”المركزية” أن الصيفي لن تدعم الحكومة. غير أنها، على عكس القوات، لم تحسم بعد موقفها من حضور الجلسة أو عدمه، في انتظار ما ستنتهي إليه المشاورات التي يجريها حزب الكتائب راهنا مع مجموعات الحراك”، مشددا على “أننا قد نشارك في جلسة نيابية يلحظ جدول أعمالها إقرار إقتراح القانون الذي تقدمنا به لتقصير ولاية مجلس النواب، والاتجاه إلى انتخابات نيابية مبكرة، طبقا لما يطالب به الثوار”.

خريطة المواقف المطبوعة بالتريث هذه تأتي في وقت تشير أوساط مطلعة عبر “المركزية” إلى أن في وقت يراهن البعض على نجاح الحكومة في نيل ثقة النواب الـ 69 الذين كلفوا دياب، يسعى حزب الله إلى تأمين تأييد 71 نائبا، إلا أن المهمة ليست سهلة على الضاحية، على وقع الانشقاقات الكبيرة التي هزت صفوف بعض حلفائها كالتيار الوطني الحر واللقاء التشاوري، علما أن امتعاض رئيس مجلس النواب نبيه بري من المقاربة لملف الكهرباء، الداء اللبناني المزمن، طرحت تساؤلات عما اذا كان بعض نواب كتلة التنمية والتحرير قد يحرمون الحكومة بعض الثقة، وإن كانت قد شاركت بقوة في دفع عجلات التأليف قدما في مراحل عدة.

وتختم الأوساط مشيرة إلى أن في ظل استعدادات الثوار لمنع انعقاد الجلسة، لا يملك حزب الله إلا الرهان على قوى 14 آذار للمشاركة في الجلسة وتأمين النصاب لانعقادها على الأقل، كما حصل عند التصويت على الموازنة.