IMLebanon

أي جدوى للثقة البرلمانية في حكومة فاقدة للشرعية الشعبية؟

أهم من اقرار البيان الوزاري لحكومة “مواجهة التحديات”، كما استقر رأي الرئيس حسان دياب على تسميتها، بغض النظر عما اذا ستكون اسما على مسمى، ام على غرار سابقاتها من “استعادة الثقة” التي لم تُستعد لا بل فُقدت بالكامل، و”إلى العمل” التي لم تعمل، موقف وزيرة الاعلام منال عبد الصمد اثر جلسة مجلس الوزراء بتأكيدها ان “ما يهمنا اولا هو ثقة الشعب، اما الثقة الدولية فتستعاد بعد اعمال الاصلاحات”. صدقت الوزيرة في كلامها لأن اي ثقة برلمانية ستحظى بها الحكومة تبقى منقوصة، لا بل معدومة الفاعلية، ما دام مصدر السلطات كلها، يحجبها ويعدّ عدة مواجهة تحدي السلطة لمنعها من محض ثقة لحكومة تعتبر اوساط في الثورة انها لم تبذل جهد الحد الادنى لتلبية مطالب الشعب، لا بل استنسخت بيان حكومة الرئيس سعد الحريري في ابرز نقاطه السياسية والاقتصادية التي لم تعالج ازمة واحدة في زمن ما قبل الثورة، فكيف بالاحرى بعدها؟

وعلى قاعدة “المكتوب يُقرأ من عنوانه”، تقول الاوساط لـ”المركزية”: “قرأ الثوار في ما تم تسريبه من البيان وما ثبت لاحقا في مضمونه، ليرفضوه ويتظاهروا ضده ويتخذوا قرار قطع طريق ثقة السلطة بحكومة من اخراجها وانتاجها، لم تكبّد نفسها عناء اعداد خطة انقاذ كهربائية، هي الاكثر إلحاحا لخفض العجز الذي يتآكل الدولة لا بل تبنت نهج اسلافها وخططهم التي لم تقدم على مدى عشر سنوات حلا يقي البلاد شر نزف “المليارات” المتمادي لتأمين فتات كهرباء تارة عبر استئجار البواخر الملوثة للشاطئ وأخرى باستجرار الطاقة من دول الجوار فيما يسدد اللبنانيون فاتورتين، لينيروا حياتهم التي عتمتها المنظومة السياسية بفسادها حتى ثاروا عليها”.

وعلى رغم ان اصوات المسؤولين الاممين والدوليين بُحّت وهم ينتقدون “الفشل” الكهربائي ويؤكدون ان الاصلاح هو الداء الانجع لانقاذ لبنان عبر حزم المساعدات الموعودة وان النأي بالنفس عن صراعات الخارج كفيل بانتشال لبنان من قعر الهاوية، لم تضمّن حكومة “مواجهة التحديات” بيانها عبارة واحدة تبعث على الاطمئنان للمجتمع الدولي. وما دام لا خلاف حول بند المقاومة، على ما قالت الوزيرة عبد الصمد، فإن الفقرة الخاصة بالثلاثية استُنسخت بدورها، باعتبارها في رأي الحكومة “بتقطع” ولا داعي للغوص مجددا في سجال ازاءها، وهي مرت بطبيعة الحال بسلاسة في حكومة من لون واحد، ومن دون مراجعة.

وتسأل الاوساط: “ألم يكن اجدى بالحكومة التي تعرف ان الثقة بها تنبثق اولا وآخرا من الشعب ان تضع بيانا وزاريا، في خطوة اولى على الاقل، يتضمن ما يوحي بالثقة للشعب، لتسحب فتيل الاحتقان من الشارع عوض ان تراقب الثوار يتعرضون للاهانة والشتم والضرب من قبل بعض من سيمنحونها الثقة، وما جرى امس مع النائب زياد اسود عيّنة؟ هل بنواب يتنقلون بين المطاعم والمقاهي ليليا، يستفزون الثوار الذين يعاني معظمهم العوز والجوع، ويرسلون ازلامهم يكمنون لهؤلاء في الطرقات ويعتدون عليهم ويستعيدون لغة الطائفية والتحريض والتقسيم سينالون ثقة يحكمون عبرها البلاد”؟

أي ثقة هذه، تضيف الاوساط، “تمحضها لهم سلطة فاسدة تبني قصورها ومواقعها السياسية على الطائفية والمذهبية والمناطقية والتفرقة والتصنيف بين الشعب وفئاته، ولعل اكثر ما ازعجها في الثورة انها وحدّت اللبنانيين ودكّت كل جدران الانقسامات التي بناها الزعماء طوال عقود ليحافظوا على كراسيهم؟ كان الاجدى بالحكومة ان تضمّن بيانها اعلانا واضحا وصريحا لاجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتج طبقة سياسية نظيفة تعيد بناء الدولة التي وصلت اصداء فسادها الى العالم وباتت مثالا يضرب على غرار ما جرى في المانيا ، حيث شنّ نواب ألمان حملة ضد حكومة بلادهم التي تعد من أبرز مموّلي مشاريع البنك الدولي في العالم طالبين وقف العمل بسد بسري نسبة لأضراره الهائلة”.