IMLebanon

مأزق الحكومة والمعارضة والثورة؟! (بقلم رولا حداد)

يجمع العارفون في الداخل والخارج على أن لبنان دخل مرحلة سوداء مالياً اقتصادياً، ولا أحد يعرف متى وكيف تنتهي في ظل الأزمة الخانقة التي نعاني منها على كل المستويات، سواء على صعيد الحكومة الجديدة التي تسعى لنيل ثقة مجلس النواب الثلثاء، وسواء على صعيد القوى السياسية التي هي نظرياً في موقع المعارضة لهذه الحكومة، وسواء على صعيد الثورة التي لا تزال غير قادرة على أن تفرض أجندتها أو أن تطرح أي بديل فعلي.

على مستوى الحكومة فإن الاعتراف بعجزها وعدم قدرتها على اجتراح الحلول أو سلوك درب الإنقاذ أتى عملياً من أهل بيتها الداخلي، لا بل من القابلة السياسية التي أشرفت على ولادتها، أي “حزب الله” عبر بيان كتلته النيابية الأخير الذي اعتبر فيه أن “طريقة تشكيل الحكومة تفسّر عدم وجود برامج إنقاذية لمعالجة الأزمات”. هكذا يعترف “حزب الله” بأنه أشرف على ولادة حكومة عاجزة وفاشلة سلفاً وبأنه كان يكابر يوم رفض تسمية شخصية كنواف سلام بذريعة أنه “أميركي” فأتى بحكومة أكثر من نصف وزرائها يحملون الجنسية الأميركية. فكيف لحكومة يعترفون مسبقاً بعجزها أن تواجه الانهيار المالي الكبير؟!

أما على مستوى القوى السياسية المعارضة للحكومة، فهي تبدو أعجز من أن تشكل جبهة معارضة، لا بل تغرق في مناكفاتها الداخلية وحساباتها الضيقة من دون أن تتمكن من الالتقاء على بنود الحد الأدنى لمواجهة “حكومة حزب الله” التي ستؤدي إلى عزل لبنان بالكامل عن المجتمعين العربي والدولي، والتي يرفضها الشارع اللبناني.

ولا تبدو الأمور أكثر وردية على مستوى الثورة التي تعاني على أكثر من محور. فمن جهة تواجه قراراً واضحاً من السلطة بقمعها عبر محاولة استعمال القضاء والأجهزة الأمنية، ومن جهة ثانية تعاني من تشتتها وغياب أي طرح بديل متكامل بالحد الأدنى ومن جهة ثالثة تواجه عوامل الطقس التي تحد من قدرتها على تأمين الحشد الكبير للتحركات الميدانية.

في الخلاصة يبدو الأفق مقفلاً وتوسّع الانهيار حتمياً في ظل المعطيات المتوفرة. ولم يكن ينقصنا غير بيان وزاري أقل ما يُقال فيه إنه مثير للسخرية بفعل التناقض الفاضح بين اعترافه بالانهيار الخطير ووعوده الوردية بمشاريع لم تُنفّذ في لبنان في عز النمو الاقتصادي قبل 10 أعوام، مشاريع لم يخبرنا واضعو البيان من أين سيأتون بالأموال اللازمة لتمويلها تماما كما لم يخبرونا من أين سيأتون بالأموال لدفع الاستحقاقات المالية ولتمويل استيراد الأساسيات ليبقى اللبنانيون على قيد الحياة!

هكذا نجح “حزب الله” في تحويل لبنان من “سويسرا الشرق” إلى “فنزويلا الشرق”، وهو يستمر اليوم منهجياً في محاولة تدمير هوية لبنان المالية بعدما دمّر هويته السياسية وعلاقاته مع الدول العربية والغربية ونقله إلى المحور الإيراني، وذلك من دون أن يلقى أي “مقاومة” سياسية حقيقية تواجهه، في ظل خصوم سياسيين مفترضين موزعين بين المدجنين والمتخادلين والمترقبين، وثورة جزء منها مخترق من الحزب وجزء آخر يخشى مواجهة الحزب وجزء ثالث لا حول له ولا قوة!