IMLebanon

ماذا عن الحزب يا شيخ سعد؟ (بقلم رولا حداد)

في الذكرى الـ15 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعشية صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في الجريمة، يبدو أن الرئيس سعد الحريري أسقط من حساباته كل ارتكابات الحزب أمنياً وسياسياً واقتصادياً ووطنياً، بدءاً من جريمة اغتيال والده، مروراً بكل التفجيرات والاغتيالات التي تحوم الشبهات فيها حول عناصر ومسؤولين في الحزب، تماماً كما جريمة 7 أيار 2008، وليس انتهاءً بما ورّط الحزب لبنان فيه من تبعات العقوبات الأميركية والمقاطعة العربية التي أوصلت لبنان إلى الانهيار الشامل!

لا يظهر على رادار رئيس تيار المستقبل غير رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، فالحريري في كلمته حمّل باسيل وبشكل منفرد عملياً مسؤولية كل ما آلت إليه الأوضاع في لبنان، مع العلم أن باسيل لم يشارك في الحكومات المتعاقبة قبل العام 2008، وتحديداً أول حكومة بعد 7 أيار وانتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان.

بطبيعة الحال لا يمكن لأحد أن يضع نفسه في موقع الدفاع عن باسيل الذي يكاد يجمع اللبنانيون على انتقاد أدائه على مستوى عدد كبير من الملفات. ولكن في الوقت نفسه يكاد يكون من الجنون تحميل باسيل كل المسؤوليات عما وصلنا إليه!

صحيح أن ثمة اتهامات عديدة توجه إلى باسيل في ملفات فساد، لكن الثابت في السياق نفسه أن اتهامات مماثلة توجه إلى تيار المستقبل وحركة “أمل” والحزب التقدمي الاشتراكي وغيرهم وأيضاً في الكثير من الملفات.

لكن الثابت أن أكثر ما يعانيه لبنان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأدوار التي يلعبها “حزب الله” خارجياً وداخلياً. فعلى الصعيد الخارجي سعى الحزب إلى حشر لبنان في المحور الإيراني، مستعدياً كل الدول العربية والخليجية تحديداً وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وذلك بدءًا من ملف الحرب في سوريا وصولاً إلى الحرب في اليمن، فدفعنا الثمن غالياً بفعل المقاطعة الخليجية سياحياً واستثمارياً وعلى صعيد المساعدات التي لطالما اعتاد لبنان عليها.

كما أعلن “حزب الله” عن إصراره على لعب دور رأس الحربة في المواجهة التي تخوضها طهران مع واشنطن، ما عرّضنا لتبعات العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران و”حزب الله” مانعة بعدها من تقديم أي مساعدة لحكومات يسيطر عليها الحزب عملياً. كما أن الأمور وصلت بالسيد حسن نصرالله في خطابه الأخير إلى توجيه الدعوة الى اللبنانيين لمقاطعة البضائع الأميركية وإلى التقدم بدعاوى قضائية بوجه المسؤولين الأميركيين ولو من باب حفظ ماء الوجه في المواجهة مع واشنطن!

إنطلاقاً مما تقدّم يصبح لزاماً علينا أن نسأل الرئيس سعد الحريري عن أسباب تحييد “حزب الله” عن خطابه الأخير، لمعرفة ما إذا كان هذا التحييد بسبب الضعف والعجز عن مواجهة الحزب، أم أن ذلك يأتي ضمن مسار الحفاظ على خطوط العودة إلى السراي الحكومية؟ لا بل إن القلق يصبح أكبر إذا صدّقنا المعلومات التي تحدثت عن أن تحييد الحريري لرئيس الجمهورية من هجومه العنيف الذي حصره باستهداف باسيل، إنما يأتي بنصيحة وتمني من الحزب نفسه لعدم إحراج العهد، لأن أخطر من يمكن أن نتصوّره هو أن يكون الرئيس الحريري يعمل بمشورة الحزب السياسية… رحم الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري!