IMLebanon

خصخصة أرض المرفأ أم ماذا؟

كتبت مريم مجدولين لحام في “نداء الوطن”:

شنّت إدارة مرفأ بيروت بالتعاون مع بلدية بيروت وتنفيذ عناصر الشرطة الخاضعة لها، “حملة طرد إجبارية” لأكثر من مئتين وخمسين سائق شاحنة من باحتين في منطقة الكرنتينا المحيطة بالمرفأ، كانوا يركنون مركباتهم فيها عادةً، كما تم حجز عدد منها بعد سحبها بواسطة رافعات لغياب مالكيها، من دون سابق انذار وبحجة تطبيق القانون. أُخرجت الشاحنات العمومية بالقوّة من الأرضين لتصطفّ على طول الشوارع الرئيسية للمرفأ وعلى الأرصفة القريبة منه، ما أدى الى زحمة سير خانقة على أبواب العاصمة.

كل يوم أزمة جديدة تواجه الممسكين بالحكم، وكل يوم يراكمون فشلاً فوق عجز حتى في تأمين أبسط حاجات البلاد، كتجهيز باحةٍ لوقوف شاحنات المرفأ الدولي للبنان. وأمام تأويلات متعددة لما حدث، تعددت القراءات والسيناريوات حول ما قامت به شرطة البلدية من إبعاد للشاحنات من عقار تملكه (رقم 1343)، ومن عقار ملاصق له تملكه الدولة وتديره إدارة المرفأ رقم 339، بوجود المقاول “خليل العرب” شقيق “جهاد العرب” اثناء عملية الطرد. وصار السؤال المطروح “هل هذا الفعل ناتج عن خصخصة لأرض المرفأ أم تحضير لمحرقة النفايات المرفوضة؟”.

مشروع “تطفيش”

تسود حالة من الإستياء لدى مالكي الشاحنات إزاء ما يرون أنه “مشروع تطفيش” تقوم به السلطة على قدم وساق، وبوتيرة أعلى من المعتاد على امتداد الأسابيع الأخيرة، بذريعة الوضع الإقتصادي الراهن من جهة والحاجة للأرض التي تُركت لهم مسبقاً لاستعمالها. فبسبب الأزمة الحالية، تراجعت كمية الإستيراد وزادت معها أعداد الشاحنات العاطلة عن العمل، ما أدى إلى حاجتها لمكان أكبر وليس العكس.

إلى ذلك، شرح مسؤول العلاقات العامة والإعلام في نقابة مالكي الشاحنات العمومية شفيق أبو سعيد كيف عانوا لسنوات طويلة من إهمال الدولة، وقال “منذ التسعينات وكل من في السلطة على علم بحاجة مرفأنا الوطني لموقف أكبر، حتى أننا كنا في السابق نستخدم هاتين الباحتين اللتين طردنا منهما رغم وجود نفايات سامة فيها أدت إلى وفاة أربعة أشخاص منهم السائق ناصيف نخلة، وإثنان من عائلة الهبر حتى ضجّت الوسائل الإعلامية بالواقع المزري، وبعد مراجعات مع المسؤولين والضغوط التي مارسناها من إعتصامات ووقفات إحتجاجية على الأرض تجاوب المسؤولون بإزالتها وقد اتفقنا أثناءها مع إدارة المرفأ والأجهزة الأمنية أننا سوف نستصلحها على نفقة النقابة ونستعملها ولم يرفض أحد” وأكمل “لقد كلّفنا استصلاح الأرض حوالى ٢٨ مليون ليرة لبنانية ولم تعترض أي جهة على استعمالنا للأرض كموقف للشاحنات والمقطورات التي تزيد عن الموقف الأساسي الذي نستعمله وذلك من أجل تخفيف الإزدحام الذي ينتج عن وقوف الشاحنات على الطريق المؤدي الى مدخل المرفأ، ولم يكد تمضي فترة من الوقت على استعمالها حتى تفاجأنا بشرطة سير بيروت تطلب منا إزالة كافة الشاحنات والمقطورات من الباحتين وباشراف شقيق جهاد العرب فلماذا هذا التوقيت المريب؟”.

لكل عقار قصته وخباياه

وبعد أن تواصلت نقابة مالكي الشاحنات مع المعنيين، علمت أن لكل عقار قصته و”خباياه” بحسب تعبيرها، وبالرغم من أنه لا يمكن للسائق التفريق بين العقارين بما أنهما متلاصقان وبلا حدود اسمنتية، لكل عقار ادارته ومسؤولوه. وقال بوسعيد إنه بعد حضور النائب عماد واكيم الى المنطقة وتأكيده أنه لن يتم استخدام الأرض للمحرقة علمنا أن “بلدية بيروت تدّعي أنها تفرغ العقار التابع لها من أجل إستعماله لوضع المعدات القديمة لمعمل الفرز الحالي الذي يديره خليل العرب” ولكن لديهم شكوك “بأن كل ما حدث من افراغ للباحة ما هو الا تحضير للمحرقة” وأكمل “أما بالنسبة لأرض إدارة المرفأ، فقد تم تأجيرها من قبل الوزير السابق للأشغال يوسف فنيانوس للمقاول دون العودة لقرار من مجلس الوزراء الى المتعهد نقولا السروجي بغير حق، وبشكل لاقانوني، بهدف إنشاء محطة للمحروقات”. وتساءل “أين وزير الأشغال الحالي الذي يفترض انه يريد إصلاحاً في إدارته من هذا الأمر، وهل يحق لإدارة مرفأ بيروت التصرف بالأرض دون العودة للوزارة في حال نكر الأمر؟ أليس غريباً أن يتم تأجير أرض المرفأ العام لمتعهد خاص في عملية خصخصة تحت الطاولة ودون اخبار أحد؟ كما أنه في كل دول العالم تؤمن الدولة للشاحنات العاملة في المرافئ باحات لوقوفها إلا عندنا، فأين نذهب نحن بشاحناتنا وهل نرميها على الطرقات لتسبب إزدحاماً وخطراً على السلامة العامة؟”.

وعما إذا حُدد يوم للإحتجاج على الأمر أوضح بو سعيد أنه قد أرسل كتاباً لمحافظ بيروت تحت عنوان العجلة، طلب فيه العمل على حل مشكلتهم المستجدة “التي تؤثر على عملية النقل الداخلي من والى مرفأ بيروت وبالتالي على عمل شاحناتهم وتلحق الضرر بهم بخاصة في الأوضاع الإقتصادية المتعبة التي لا يقوى فيها السائق على استئجار مكان لركن آليته قريباً من المرفأ”.

موقف بلدية بيروت

وبدا موقف محافظ بيروت زياد شبيب وشرحه للحادثة جلياً خلال اتصال هاتفي أجرته معه “نداء الوطن”، موضحاً أن “بلدية بيروت فوق كل الشائعات التي يتم تداولها عن نية استعمال الباحة للمحرقة” كما نفى وجود أي علاقة لجهاد العرب بالموضوع وأضاف “كل ما في الأمر أن البلدية بحاجة للأرض التي تملكها وقد عملت الشرطة على افراغها بالقانون”.

وأوضح عضو مجلس بلدية بيروت المحامي راغب حداد في ما خص الأرض التابعة لبلدية بيروت أنه من المستحيل أن ترتبط عملية افراغها بملف المحرقة، فمساحة العقار هي سبعة آلاف متر مربع ولا يتسع لربع المساحة المطلوبة لإنشاء محرقة. ولفت إلى أن المحرقة لن تمر أقله عبر المجلس البلدي الحالي وانه قد قدم كتاب الغاء المحرقة قبل الثورة ولكن ما يشاع خاطئ، أما بالنسبة لموضوع الشاحنات فعلى ادارة مرفأ بيروت ووزارة الأشغال حل الموضوع بشكل سريع.