IMLebanon

خاص IMLebanon: التشكيلات القضائية و”إعجاز” سهيل عبود!

كتب طوني أبي نجم:

يتجه رئيس مجلس القضاء الأعلى الرئيس سهيل عبود إلى تسطير إنجاز قضائي غير مسبوق في تاريخ لبنان، وذلك عبر إجراء تشكيلات قضائية يُنتظر أن تبصر النور هذا الأسبوع ومن دون أي تدخل سياسي على الإطلاق.

ما نورده لا يدخل في إطار الترويج أو الدعاية لأن سهيل عبود لا يحتاج إلى ذلك، وهو يمثل الشخصية الوحيدة التي تمّ تعيينها في موقعها بإجماع القوى السياسية ومن دون اعتراض من أحد.

استغلّ القاضي عبود هذا الواقع الذي جعله غير مدين لأحد بتبوئه أرفع منصب قضائي في لبنان، كما استغل وبذكاء مطالب ثورة 17 تشرين الأول ليبلغ جميع المعنيين بدءًا برئيس الجمهورية، أنه يحضر مع مجلس القضاء الأعلى لإجراء تشكيلات قضائية شاملة ويرفض أي تدخل سياسي فيها من أي طرف كان، فنال موافقة الرئيس ميشال عون على قراره كما وتأييد وزيرة العدل ماري كلود نجم.

ومن المتوقع أن تشكل التعيينات القضائية صدمة إيجابية كاملة في الوسط القضائي والسياسي والإداري، لأن القاضي المناسب سيوضع في المكان المناسب، ولن يكون أي قاض مديناً لأي طرف سياسي، ما سيحرر جميع القضاة من التأثيرات السياسية بنسبة كبيرة جداً.

لكن قبل أن يلج سهيل عبود إلى هذا الملف المعقد، كانت له صولات وجولات مع القضاة أنفسهم، فهو أرسل كتاباً شخصياً إلى كل القضاة والذين يفوق عددهم الـ500 قاض، وطلب من كل منهم أن يرفع السرية المصرفية عن نفسه أمام هيئة التفتيش القضائي ليكون قدوة للبنانيين. وبالفعل تجاوب أكثر من 300 قاضٍ مع طلب رئيسهم، فيما امتنع أكثر من 200 منهم بذريعة أن القانون لا يلزمهم، لكن عدم الاستجابة أعطت إشارات واضحة كما الاستجابة حول علامات استفهام كثيرة على عدد كبير منهم ممن يخشون التصريح عن أموالهم!

وفي كتابه شدد عبود على ضرورة “اقتناع كل قاضٍ بأننا في مسيرة إصلاح قضائي ووطني، لواقع تستّر بفساد اجتماعي، وبإفساد بنيوي، وباستقلالية وبهيبة منقوصتين، وبمعنويات مثقلة، وبماديات غير كافية، ما يفترض ريادة من القضاة وتعاوناً من قبل نقابتي المحامين، مع تحصين هذا المشروع الإصلاحي، بمواكبة إعلامية بناءة وبتأييد من المجتمع المدني وجميع اللبنانيين”.

وإذ أكد على إعلاء مبدأ الثواب والعقاب والتقييم لمناقبية العمل، لفت القضاة إلى أنهم سيحظون بمساحة حماية من مجلس القضاء الأعلى بوجه كل تعرّض أو تدخّل.

واللافت في كتاب عبود الذي صودف تاريخه في 16 تشرين الأول 2019، أي قبل يوم واحد من اندلاع الثورة، أنه خلا من أي إشارة للسياسيين. هكذا يكون سهيل عبود يستحق عن جدارة لقب “أبو الثورة القضائية” الهادئة والمسؤولة، فهو يعرف كل الحقائق من داخل الجسم القضائي، كما يدرك حجم التحديات كما التدخلات سابقاً في عمل القضاء، لكنه أحسن استغلال الظروف والفرص وواقع الثورة والضغط الشعبي، ليتلمس طريقه إلى تشكيلات قضائية غير مسبوقة بنوعيتها، ما يجعل آمال اللبنانيين معلقة عليها للبدء بالإصلاح الفعلي ومحاربة الفساد، رغم تضارب الصلاحيات مع النيابات العامة، ومنها النيابة العامة المالية، والتي لا سلطة لمجلس القضاء عليها، في انتظار أن يفي النواب بوعودهم بإقرار قانون جدي يضمن تحقيق الاستقلالية التامة للقضاء عن السلطة السياسية.

يبقى أن عيون اللبنانيين شاخصة إلى لحظة الاعلان عن التشكيلات القضائية المنتظرة التي يعوّلون عليها للبدء بالإصلاح الفعلي من جانب القضاء، بعدما يئسوا من السياسيين وأدائهم.