IMLebanon

لبنان يتوسّل الدعم الدولي.. و”الحزب” يذهب أبعد في تَوَرُّطه الخارجي!

آخِر ما كان يحتاج إليه لبنان، في ظلّ الأعصاب المشدودة بملاقاة تَمَدُّد فيروس «كورونا» و«الأحزمة المربوطة» عشية أسبوع بلورة خيارات تعطيل «القنبلة الموقوتة» المالية – الاقتصادية، أن ينكشفَ واقعُه على ملعب النار في إدلب و«صراع الفيلة» بين اللاعبين الاقليميين والدوليين من خلال انخراط «حزب الله» العلني في الصِدام التركي – السوري الذي تقف على ضفّتيْه روسيا والولايات المتحدة.

ولم يكن ممكناً في بيروت قراءة سقوط 9 عناصر من «حزب الله» في الضرباتٍ التركية على القوات التابعة للنظام السوري وحلفائه في إدلب إلا على أنه مؤشر إلى متاعب جديدة للبنان الرسمي الذي يجهد لإقناع الخارج بـ «أهليته»، على مستوييْ الإصلاحات الجدية والتموْضع السياسي غير الفاقع في استسلامه لأولويات «حزب الله»، لتلقّي الدعم الذي لا مفرّ منه لوقف الانهيار المالي.

وبينما اعتقدَ كثيرون أن «حزب الله» سبق أن بَلَغَ أبعد مدى بانغماسه في معارك الاقليم، بوصفه «الذراع الأقوى» لمشروع التوسع الإيراني، فاجأ الحزب الجميع بـ «ظهورِه» على جبهةٍ وضعتْه للمرة الأولى على تماس مباشر مع «الناتو» الذي صارتْ تطوراتُ إدلب على «رادارِه» اليومي بعد الضربة الجوية التي أسفرت عن مقتل 33 جندياً تركياً في هذه المنطقة (الخميس).

وما يجعل هذا التطور النوعي مصدر قلق كبيراً لأوساط واسعة الإطلاع أنه يأتي في لحظةٍ سياسية لبنانية بات الواقع الداخلي معها بكامله، بعد تشكيل «حكومة اللون الواحد» التي يشكّل «حزب الله» قوة الدفْع الرئيسية لها، تحت إمرة الحزب الذي كان تَرَك لها هامش حركةٍ لتَلَمُّس طريق الإنقاذ المالي استظلّ شعار «النأي بالنفس» الذي ورد في البيان الوزاري (مستنسخاً عن الحكومة السابقة)، قبل أن «تحرقه نار» إدلب ومعه ربما آخِر الفرص الدولية الممنوحةِ لتشكيلةٍ وُضعتْ منذ ولادتها تحت الرقابة الخارجية اللصيقة.

وحذّرت هذه الأوساط من أن تَوَرُّط «حزب الله» هذه المرة في الحرب السورية ينذر بأن يستجلب رياحاً عاتية على الواقع اللبناني وتوريط الداخل بأكلاف لا قدرة له على تَحَمُّلها في ظلّ الحاجة الماسة لمظلّة عربية – دولية تقيه الشرّ المستطير الذي تشي به كرة السقوط المالي المتدحرجة، معربة عن خشية بالغة من تداعيات ذلك على الآمال في جذْب مساعدة خارجية يبقى مفتاح الجانب الأكثر تأثيراً فيها في يد الولايات المتحدة.

ولاحظت أنه، وبعدما كانت العقوبات الجديدة على أشخاص وكيانات تابعة لـ «حزب الله» أعطت إشارة متقدمة إلى مضي واشنطن في سياسة «خنق» الحزب، لم تتوانَ الإدارة الأميركية ومن باب تأكيدها (في جلسة مجلس الأمن لبحث التطورات بإدلب) أن ما يجري في إدلب حملة تستهدف أحد حلفاء واشنطن، عن توجيه أصابع الاتهام وبلسان وزير الخارجية مايك إلى «نظام الأسد وروسيا والنظام الإيراني وحزب الله» بأنهم «يحولون دون استتباب وقف إطلاق النار في شمال سوريا» معتبراً «ان الهجوم الذي قاده النظام السوري وحزب الله المدعوم من إيران وروسيا في إدلب تسبب في كارثة إنسانية».

وإذ اعتُبرتْ الإضاءةُ الأميركية على دور «حزب الله» في جبهة إدلب بمثابة تثبيتٍ لـ «العين الحمراء» عليه كما على لبنان وحكومته، كان لافتاً ما كشفه الإعلامي سالم زهران (القريب من حزب الله) عن «أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلتقى قبل ساعات مدير المخابرات التركية هاكان فيدال في تركيا وهو على خط التواصل في ما يحصل في المنطقة» من دون أن تُعرف تفاصيل إضافية، رغم خشيةِ الأوساط المطلعة من أن يُفْضي استمرار انخراط الحزب في هذه المواجهة وتسجيل أول سقوطٍ لعناصر له على يد تركيا، إلى ارتسام «خطوط تماس» سياسية داخلية تزيد من الاضطرابات في الوضع المحلي.

وفي موازاة دخول الصراع في سوريا مرحلة جديدةً ورصْدِ تشظيات اندفاعة «حزب الله» على جبهة إدلب وأبعادها الاقليمية – الدولية المعقّدة، كان لبنان «يرتعب» مع تدشين «كورونا» مرحلته الثانية على أرضه في انطلاقة الاسبوع الثاني بعد اكتشاف أول إصابة لمواطنة عائدة من قم الإيرانية، وعنوانها بدء انتقال الفيروس داخلياً بالعدوى، وسط تَزايُد المَخاوف من أن يفلت هذا الملف من يد السلطات التي بدتْ حتى الساعة وكأنها «متأخرة خطوة» في مسار الاحتواء الوقائي.

ولم يكد قرارا وقف الرحلات من الدول التي تشهد تفشياً للفيروس الى لبنان (الصين، كوريا الجنوبية، إيران، وإيطاليا وعند الإقتضاء دول أخرى على أن يُستثنى فقط المواطنون اللبنانيون والاشخاص الأجانب المقيمون في لبنان) وإعلان قفْل المدارس والجامعات ودور الحضانة حتى 8 الجاري أن يدخلا حيّز التنفيذ حتى بدا أن كورونا سبقهما مع إعلان وزارة الصحة عصر أمس عن ارتفاع عدد الإصابات من 4 إلى سبعة، موضحة أن الحالات الثلاث الجديدة «هي لأشخاص مُخالِطين لمُصابين سابقين وكانوا موضوعين في الحجر الصحي، وهم حالياً موجودون في غرف العزل في مستشفى الحريري الحكومي الجامعي وحالهم مستقرة».

وإذ اعتُبر عدد الـ 3 إصابات هو الأعلى في يوم واحد في لبنان، لم يفاجىء هذا التطور المراقبين بعد المناخات التي رافقتْ إعلان الإصابة المؤكدة الرابعة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي يوم الجمعة وهو سوري (ذُكر أنه يسكن في الضاحية الجنوبية لبيروت) لم يذكر التقرير الرسمي (على عكس الحالات السابقة أحدهم إيراني وسيدتان لبنانيتان) أنه كان في إيران (أو أي بلد آخر)، الأمر الذي فجّر الخشية من أن يكون الفيروس صار منتشراً في لبنان وطرح علامات استفهام حول كيفية التقاط السوري العدوى، وهل من شخص يحمل الفيروس وما زال غير مشخّص وهل نَقَلَ العدوى إلى آخَرين، ناهيك عن تعزيز الشكوك حول جدوى الحَجْر المنزلي.

وإذ لم يبدّد بيان وزارة الصحة نهاراً الشكوك حول ملابسات إصابة السوري بإعلانه «أن الحالة المحلية مرتبطة بحالة مشتبَهة آتية من إيران حيث تتابع الوزارة تقصّي المُخالِطين» وهو ما أثار خشيةً من أن تكون البلاد سجّلت حالة انتقال الفيروس في فترة الحضانة، كشف تقرير مستشفى رفيق الحريري الجامعي مساءً ان الإصابات الثلاث الجديدة هي لزوجة المُصاب بكورونا من التابعية الايرانية، وابن وصديق المصاب من التابعية السورية، وسط تصريح لافت للنائب قاسم هاشم (من كتلة الرئيس نبيه بري) أعلن فيه «ان معلوماتنا تشير إلى وجود من 11 إلى 15 حالة في لبنان مشكوك بإصابتها بـ»كورونا«وتتمّ متابعتها في مستشفى رفيق الحريري الجامعي».

وفي حين بقي العائدون من إيران (مئات الطلاب وغالبيتهم عبر سوريا براً) وميلانو (وصلت رحلتان منها أمس) خصوصاً بمثابة «الخاصرة الرخوة» للإجراءات الوقائية في ظل إصرار لبنان على عدم اعتماد الحجر في مراكز بإشراف صحي ورسمي ريثما تنقضي فترة الحضانة للفيروس، ناهيك عن التصريحات المتصاعدة حيال عدم جاهزية البلاد لأي انتشار لكورونا بالمئات ولا سيما في ظل عدم وضع خطة تُدْخل المستشفيات الخاصة في أي «خطة طوارىء» بحال اقتضى الأمر (بعد نفْض الأخيرة يدها من الدخول على هذا الملف والدعوة لإبقائه بعهدة المستشفيات الحكومية لعدم جهوزية الخاصة منها)، برز بيان للسفارة السعودية في بيروت دعت فيه «المواطنين السعوديين لتأجيل خطط السفر غير الضرورية إلى الجمهورية اللبنانية، وتهيب بالمواطنين السعوديين في لبنان اتخاذ الحيطة والحذر والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، واتباع الاجراءات الصحية المعلنة للوقاية من الاصابة بهذا الفيروس، وعدم التردد في الاتصال بالسفارة لطلب المساعدة عند الحاجة».