IMLebanon

حسان دياب يطرق أبواب الرياض مرارا ولا من مجيب

تصطدم جهود رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب في اختراق الموقف العربي بتحفظات، في ظل قناعة بأن الهدف من تلك التحركات ليس نابعا من رغبة وإرادة حقيقيتين للتحرر من سطوة الوصاية الإيرانية التي بدت جلية مع الحكومة الحالية المدعومة من حزب الله، بل هو نتيجة دوافع مادية في علاقة بالأزمة الاقتصادية المستفحلة في البلاد.

وكشفت مصادر موثوقة لـ“العرب” أن رئيس الحكومة اللبناني تقدم ثلاث مرات بطلب لزيارة المملكة العربية السعودية، في وقت تواصل فيه الحكومة التشاور مع صندوق النقد الدولي قبل اتخاذ قرار متوقع هذا الأسبوع بشأن إعادة جدولة دين يستحق السداد خلال أيام وقيمته 1.2 مليار دولار.

وذكرت المصادر أن دياب لم يتلق بعد ردا سعوديا على طلبه الزيارة، علما أن الرياض أكدت قبل أيام أنها تواصل التنسيق مع باريس (وهما من أعضاء مجموعة الدعم الدولية للبنان) بشأن كيفية مساعدة لبنان.

وكانت فرنسا جددت قبل أيام مطالبتها بضرورة بدء حكومة دياب في إجراء الإصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة كمدخل للبحث جديا في أي دعم خارجي، وإن تركت الباب مواربا أمام إمكانية تقديمها المساعدة.

ولا يجاري موقف باريس الذي سبق أن عبر عنه وزير المالية برونو لومير، التشدد الأميركي، على الرغم من اقتناع مجموعة الدعم الدولية بأن الحكومة اللبنانية الجديدة هي التي صنعت حزب الله ولن تستطيع الخروج من دائرة نفوذه.

وتواصل واشنطن فرض المزيد من العقوبات على الحزب وعلى مصالح اقتصادية ومؤسسات تمثل واجهة له، فيما أعطت دول خليجية مؤشرات كافية على فتور تجاه حكومة دياب؛ لسببين، أولهما الهيمنة المطلقة للحزب على مقدرات الدولة اللبنانية، والثاني فقدان الثقة بأن أي مساعدة مالية أو وديعة خليجية في المصرف المركزي سيستفاد منهما بالشكل الذي يخفف وطأة الانهيار. ولطالما مثلت دول الخليج، وخاصة السعودية، المتنفس المالي للبنان. بيد أنه في السنوات الأخيرة لوحظ انكفاء بعد أن نجح حزب الله في فرض سيطرته الكاملة على مفاصل القرار في هذا البلد.

ويستبعد كثيرون أن تقدم دول الخليج، ولاسيما السعودية، أي دعم لحكومة صاغ الحزب المدعوم إيرانيا أدق تفاصيلها، وهو حاليا من يمسك بكل قراراتها، وليس أدل على ذلك من الفيتو الذي يضعه على طلب دعم مالي من صندوق النقد الدولي، ورفضه بداية وقف الرحلات من طهران بسبب فايروس كورونا، قبل أن يضطر إلى التراجع تحت وطأة تزايد أعداد المصابين بالفايروس القادمين من إيران.

وفي ظل حالة الانسداد الحالية فإن خيارات لبنان لمواجهة أزمته الاقتصادية تبدو معدومة خاصة مع إصرار الحزب على موقفه الرافض لدعم صندوق النقد والذي عبر عنه مؤخرا عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله بقوله “نرفض وضع لبنان تحت وصاية الصندوق”، وذلك بالتزامن مع تعثر المفاوضات مع حملة الديون المقومة بالدولار.وعلى لبنان سندات دولية مستحقة السداد في التاسع من مارس الجاري يبلغ حجمها 1.2 مليار دولار، وسندات دولية أخرى مستحقة في أبريل ويونيو.

وهناك قناعة متزايدة بأن إنقاذ الوضع في لبنان يستوجب إعادة صياغة المسار السياسي حتى قبل الاقتصادي وأن أول خطوة في هذا السياق هي إنهاء حالة التبعية لإيران وإعادة فرض حالة من التوازن على مستوى العلاقات الخارجية.

رئيس الحكومة اللبناني تقدم ثلاث مرات بطلب لزيارة المملكة العربية السعودية، في وقت تواصل فيه الحكومة التشاور مع صندوق النقد الدولي
وبرزت في الفترة الأخيرة محاولات لتصويب الوضع ومن بينها إطلاق عدد من الوجوه السياسية على غرار الأمين العام السابق لتحالف 14 آذار فارس سعيد وأحمد فتفت حركة “المبادرة الوطنية 2020”.

ودعت الحركة في بيانها التأسيسي إلى “العمل على استعادة السيادة والاستقلال، ولاسيما احتكار الدولة للقرار والتخلُّص من أية وصاية خارجية، حمايةً للسلم الأهلي والعيش المشترك، ذلك أن استدعاء أي خارج شكّل على الدوام سببا لانفجار الوحدة الداخلية”.

وطالبت الحركة بضرورة “التمسّك بلبنان جمهوريةً برلمانيةً ديمقراطيةً، تعتمد على فصل السلطات واستقلاليتها وتعاونها فيما بينها وفقاً للأسس الدستورية. والعمل على إسقاط نظام المحاصصة في السلطة الذي ضخّمته الوصاية السورية ومن ثمّ الوصاية الإيرانية وسلاحها (معادلة السلاح مقابل الفساد باعتباره حاميًا وشريكًا له)، وهذا جوهر برنامج مكافحة الفساد”.

وتستلهم هذه المبادرة مرجعيتها من المبادئ التي قام عليها تحالف 14 آذار وهي الدفاع عن سيادة لبنان واستقلالية قراره، ويأمل مؤسسوها في أن تشكل إطارا جامعا للقوى السيادية التي دبت الخلافات فيما بينها نتيجة تضارب المصالح الشخصية والحزبية ما أدى إلى انتهاء هذا التحالف.

ويقول سياسيون لبنانيون إن المبادرة تستمد مشروعيتها من حراك 17 أكتوبر ولكن نجاحها يبقى رهين الابتعاد عن الحسابات الضيقة والالتفاف على مشروع استعادة لبنان.