IMLebanon

واشنطن لن تبادر لمساعدة لبنان.. لكنها قد تمنع الانهيار

لا تشبه المقاربة الاميركية لملف لبنان في اي شكل النظرة الفرنسية اليه. فعلى رغم بعض الليونة التي تظهّرت اخيرا من خلال مواقف السفيرة الاميركية السابقة اليزابيت ريتشارد لجهة الوقوف الى جانب لبنان ودعمه، الا ان تركيز السفيرة جاء في شكل خاص على ما يريده الشعب لا السلطة لا سيما في اشادتها بالثورة واشارتها الى ان “لبنان يقف أمام نقطة تحول… وأن النظام، في العقود القليلة الماضية، لم يكن يعمل وبالتالي هذه فرصة تاريخية للشعب اللبناني لقلب الصفحة. إنها فرصة لرسم مسار جديد يجعل هذا البلد يدرك كامل إمكاناته”.

ومع ان موقف ريتشارد ليس جديدا، اذ سبقه الكثير من الكلام الاميركي من كبار المسؤولين في ادارة الرئيس دونالد ترامب في هذا الشأن، الا انه بحسب مصادر دبلوماسية غربية، شكل اشارة قوية للنهج الاميركي الذي ستتبعه واشنطن في المرحلة المقبلة عبر سفيرتها الجديدة في بيروت دوروثي شيا.

تقول المصادر لـ”المركزية”، إن في موازاة التحرك الفرنسي الناشط على اكثر من خط لمساعدة لبنان ومنع استكمال مساره نحو الانهيار بعيدا من الشروط السياسية، اذ تطالب باريس بإنجاز الاصلاحات او البعض منها على الاقل التي لم تنفك تكررها منذ مؤتمر باريس واحد حتى سيدر، لا تبدي واشنطن اي حماسة للمساعدة ما دامت ترى في “مواجهة التحديات” حكومة حزب الله.

ففرنسا، وفق المصادر، تبعد لبنان وازمته الخطيرة عن السياسة، بدليل انها ابان تشكيل الحكومة طالبت باشراك جميع المكونات السياسية ولم تضع فيتو على تمثيل حزب الله، الا انها شددت على ان تعتمد الحكومة قولا وفعلا سياسة النأي بالنفس. وتكشف ان باريس سعت وجهدت لدى دول الخليج لمساعدة لبنان الشقيق في اخطر محنة يتعرض لها، الا انها لم توفّق ولم تلق اي تجاوب باعتبار ان الحكومة في لبنان لم تصدر حتى الساعة اي اشارة تؤكد استقلالية قرارها عن حزب الله ولم تقدم على اي اصلاح يؤشر الى ان اي مساعدة قد تقدمها الدول الشقيقة ستخدم مصلحة شعب لبنان ولن تلتهمها جيوب سياسييه.

اما الولايات المتحدة، تضيف المصادر، فإنها تربط المساعدة بموقف رسمي من الحكم من موضوع الحزب، يؤكد ان الحكومة ليست خاضعة للنفوذ الايراني وان قرارها مستقل، حر وليس لدى حزب الله في الضاحية، وتاليا لن يستمر في الانزلاق والانحراف الى المحور الايراني بل يبتعد عن صراع المحاور برمته. وترى واشنطن ان لبنان الرسمي ما دام لم يثبت حتى الساعة انه خارج هذا المحور ولم ينف مواقف تصب في هذا الاتجاه فهي لا يمكن ان تقدم فلساً واحدا طالما انه سيذهب لمصلحة ايران.

غير ان الادارة الاميركية التي تلتزم سياسة التشدد، تبقي على خيط رفيع يقي لبنان شر الانهيار الكامل وفق المصادر. فعلى رغم اعتقاد البعض انها لا تمانع ان يبلغ قعر الهاوية لاعادة بناء نظام جديد لا يتحكم به حزب الله كطريق وحيد للخلاص، الا ان نظرية اخرى تفيد بأن سقوط لبنان ليس في مصلحة واشنطن، ذلك ان مرحلة السقوط قد تخلق فوضى تنزلق معها البلاد الى حيث تصعب العودة منها وقد يستفيد حزب الله منها لبسط سيطرته بالسلاح على الدولة.

من هنا تعرب المصادر عن اعتقادها ان الادارة الاميركية ليست في وارد ترك لبنان لمصيره الاسود لكنها ستواصل شد حبل الخناق على حزب الله بالمزيد من العقوبات، ويمكن اذا ما استشعرت خطرا على الكيان ان تبادر الى المساعدة عن بعد. فالجميع يدرك ان مفتاح الحل الاقتصادي والمالي للازمة في لبنان موجود في واشنطن.

وتبعا لذلك، لا تستبعد المصادر ان تقدم فرنسا افراديا، وربما قطر معها على تقديم المساعدة باشارة من “ريموت كونترول” اميركية، لتجنب الانهيار.