IMLebanon

السلطة تمد الثورة بمقومات الصمود وزخم الانطلاقة المتجددة

ما عاد أحد يشك في أن السلطة السياسية في لبنان هي أكثر من يخدم الثورة ويمدها بمقومات الزخم والصمود والانطلاقة المتجددة، خصوصا أن أهل الحكم مستمرون في اعتماد سياسة الأذن الصماء تجاه صرخات الشعب وأنينه، وهو ما يعني أن الانتفاضة مستمرة حتى تحقيق المطالب، وإن مرت في بعض مراحل البرودة والخمول، شأنها في ذلك شأن كل الحركات التحررية حول العالم.

وبينما لا تحمل المؤشرات السياسية والشعبية التي تجمعت في الساعات الماضية أي دليل إلى أن السلطة في وارد الاستجابة لصرخات حناجر المنتفضين، أتى اعتراف رئيس الحكومة حسان دياب بأن “الدولة ما عادت قادرة على حماية اللبنانيين وتأمين حياة كريمة لهم”، معطوفا على الارتفاع المرعب في سعر صرف الدولار في السوق الموازية، ليطلق جولة جديدة من التحركات الميدانية وقطع الطرقات احتجاجا على مآل الناس وضيق صبرهم وحالهم في ظل المماطلة المتمادية في ايجاد الحلول الناجعة.

تبعا لذلك، لا تستبعد أوساط سياسية مراقبة عبر “المركزية” أن تعود الاحتجاجات إلى الشارع، بعد مرور فترة السماح التي أعطاها المنتفضون للحكومة لتنجز بعضا من التغيير. غير أن الفريق الوزاري لم يستفد من هذه الفترة إلا للركون إلى “المسكنات الموضعية” التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بعدما نال الثقة النيابية متجاوزا الارادة الشعبية.

وتلفت الأوساط في السياق إلى أن كلام الرئيس دياب الأخير لم يمر مرور الكرام في أوساط الثورة، على اعتبار أنه اعتراف علني بفشل مبكر من جانب مسؤول صورت حكومته على أنها “حكومة اختصاصيين” يدركون الأزمة الراهنة ومخاطرها، ويملكون القدرة والخبرة الكافيتين لايجاد المخارج المناسبة”، مشددة على أن البيان التوضيحي الذي صدر لاحقا وأكد فيه الرئيس دياب أنه يعتمد سياسة الشفافية والمصارحة مع الناس بدا غير مقنع نظرا إلى موقع دياب في المعادلة السياسية الجديدة.

وذكّرت الأوساط بأن زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري اعتمد هو الآخر، في الشكل على الأقل، خيار مصارحة الرأي العام، إلى حد الاستقالة من منصبه، ومكاشفة الناس في ما يتعلق بالأسباب التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار”، مشددة على أن الأهم ليس فتح جبهة جديدة من المواجهة بين الحكم من جهة والثوار من جهة أخرى، بل في استمرار الضغط الشعبي حتى تحقيق كل المطالب بدءا من الانتخابات النيابية المبكرة ليستعيد الشعب سلطة القرار والاختيار الحر لممثليه، بعدما رفعت الثورة “البطاقة الحمراء” في وجه الطبقة الحاكمة.

ونبهت الأوساط إلى أن هذا المطلب قد يكون الأسهل والأسرع، لا يتطلب سوى إقرار اقتراح قانون تقصير ولاية المجلس الحالي، الموجود في أدراج ساحة النجمة بمبادرة من حزب الكتائب، إلى جانب اقتراحات قوانين انتخابية قدمتها كتلة الرئيس نجيب ميقاتي وحركة أمل.

وختمت الأوساط مشيرة إلى أن الشارع لن يقف مكتوف اليدين منتظرا مبادرة من السلطة في هذا المجال، بل سيراقب الحكومة وقراراتها، حتى إذا ما تأخرت في تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، عادت التظاهرات لتملأ الشوارع والساحات.