IMLebanon

«مصرف لبنان» يسعى لضبط سعر الدولار أمام مضاربات الصرافين

كتب نذير رضا في صحيفة الشرق الأوسط:

طرح الاتفاق بين حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة ونقابة الصيارفة أمس لاعتماد تسعيرة الصرف في السوق الموازية، تحدياً جديداً أمام السلطات اللبنانية لوضع هذا القرار حيّز التنفيذ للمرة الثانية بعد فشل تطبيقه في المرة الأولى، مما أنتج 3 أسعار لصرف الدولار: الأول سعر رسمي في المصارف، والثاني لدى الصرافين الشرعيين، والثالث، وهو السوق الرديفة، لدى الصرافين غير المرخّص لهم الذي يتداولون في الدولار بسعر ثالث.

وكان «مصرف لبنان» أصدر تعميماً في الأسبوع الماضي قضى بتثبيت سعر شراء الدولار من قبل الصرافين عند نحو 2000 ليرة، وقررت نقابة الصرافين أمس تبنّي التعميم، رغم أن سعر الصرف بقي حتى ساعات ما بعد الظهر يتخطى الرقم المتفق عليه بنحو 400 ليرة للدولار الواحد، علما بأن سعر الصرف الرسمي يبلغ 1507 ليرات للدولار، بينما عمم «مصرف لبنان» ضرورة التداول بسعر 2000 ليرة، فيما يشتري الصرافون غير المرخص لهم الدولار بقيمة 2400 ليرة ويبيعونه بسعر 2450 ليرة في معدل وسطي.
وفي لبنان نوعان من الصرافين في السوق الموازية؛ حاز القسم الأول ترخيصاً لمزاولة المهنة بموجب عقد انضمام إلى النقابة، ويناهز عددهم 300 صراف، أما القسم الثاني فهم غير المرخص لهم، ويزاولون المهنة بطريقة غير شرعية، ويلقي الصرافون الرسميون اللوم عليهم في تجاوز القانون في المرة الأولى بصرف الدولار بمستويات منخفضة.

وقالت مصادر معنية بالاتفاق لـ«الشرق الأوسط» إن القرار يُتخذ للمرة الثانية على التوالي بعد فشله في المرة الأولى، قائلة إن «تثبيت السعر ليس من مسؤولية الصرافين القانونيين هذه المرة، بل من مسؤولية السلطات الرسمية لضبط السوق ومنع غير القانونيين من مزاولة المهنة منعاً لخلق 3 أسعار لصرف الدولار». وقالت المصادر إن نقابة الصيارفة «تلقت وعداً من السلطات اللبنانية بأن تقوم الأجهزة الأمنية بدورها لضبط سوق الصرف». وأملت المصادر أن يتوقف الصرافون غير القانونيين، مما يدفع باتجاه وقف التداول بسعر ثالث في السوق الموازية، مشيرة إلى أنه «في حال نجاح الخطة، فسيتوحد السعر في السوق الموازية عند سعر 2000 ليرة».

ويشكو اللبنانيون من عدم توفّر العملة الصعبة لدى الصرافين، ويقولون إن الصرافين يشترون الدولار ولا يبيعونه. لكن مصادر من نقابة الصرافين تقول إن الصرافين غير القانونيين يقومون بهذا الفعل، وليس الصرافين القانونيين «الذين لا يمتلكون الدولارات بالنظر إلى أن الناس لا ترتاد مكاتبهم، لأنهم يبيعون بسعر 2000 ليرة، وبالتالي فإن الزبون يبيع بالسعر الأعلى بالنسبة إليه». وسألت المصادر عبر «الشرق الأوسط»: «كيف يتوفر الدولار لدى الصراف إذا كان الناس لا يبيعونه إياه؟ وكيف يلبي السوق؟»، وأوضحت أنه «بوجود سوق صرافة (تحت الطاولة)، فلا يمكن أن تنتظم السوق وفق التعميم الصادر عن (مصرف لبنان)».

وفي حين تعوّل نقابة الصرافين على تحرك الأجهزة الأمنية لوقف الصرافين غير الملتزمين بالتعاميم الرسمية، قالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إنه حتى الآن لم تتلقّ أي شيء جديد، مشددة على أن الإجراءات التي كانت تتبعها في السابق لتوقيف الصرافين المخالفين لشروط العمل وللمضاربة في السوق لا تزال سارية. وقالت المصادر: «لدى رصد أي مخالفة، نخابر القضاء ونعمل وفق إشارته لتوقيف المخالفين». وكانت مديرية أمن الدولة، إلى جانب أجهزة أمنية أخرى، تتولى هذه المهمة، حيث تمت ملاحقة وتوقيف عدد من الصرافين غير القانونيين لدى رصد المضاربة في السوق بهدف ضبطها، على قاعدة أن المضاربة في الأسعار تضر بأسواق الصرف. وساهم تقنين المصارف بضخ العملة الصعبة في السوق في زيادة الطلب على العملة الصعبة التي يحتاجها التجار والصناعيون، ويضطرون لشراء الدولار من السوق الموازية بأسعار مرتفعة بهدف تحويلها إلى الخارج واستيراد السلع. وساهم هذا الواقع في ارتفاع أسعار السلع في الأسواق، وبانكماش اقتصادي في ظل تراجع قدرة اللبنانيين على الاستهلاك.

وبدأت الحكومة تحركاً دولياً باتجاه تحريك عجلة الاقتصاد، تمثل في اللقاء الذي جمع وزير المالية الدكتور غازي وزني والمدير الإقليمي للقسم الاقتصادي في سفارة فرنسا في بيروت فرنسوا دي ريكوفليس، وتم البحث في العلاقات الاقتصادية والمالية بين البلدين وسبل تحسين الوضع المالي في لبنان وتحريك عجلة الاقتصاد.وأعلن حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة، في بيان عن «إيجاد حل دائم للصناعيين الذين يبيعون منتجاتهم في السوق المحلية وأولئك الذين يقومون بتصديرها، وذلك بالتوافق مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب ووزير الصناعة عماد حب الله». وبعد الإعلان في وقت سابق عن قرار تحرير مبلغ بقيمة مائة مليون دولار لتمويل استيراد المواد الأولية، جاء في بيان «مصرف لبنان» أمس أن قرار الحاكم سلامة يقضي بإنشاء منصة مزيج من صندوق مخصص للتسهيلات الائتمانية وشركة تكنولوجيا مالية تعمل من مقرها في أوروبا ويكمن هدفها الوحيد في خدمة الاقتصاد اللبناني من خلال توفير تسهيلات قصيرة الأجل للمستوردين والمصدرين، بالشراكة مع المصارف اللبنانية المحلية وبالتنسيق مع جمعية الصناعيين اللبنانيين ووزارة الصناعة.

وتشكل المنصة مبادرة مالية إنقاذية ترمي إلى جمع نحو 750 مليون دولار وإنشاء برنامج إقراض مستدام وقابل للتطوير لمساعدة الصناعيين الصغار ومتوسطي الحجم على تمويل استيراد المواد الأولية بنحو 3 مليارات دولار سنوياً.

ويهدف ذلك إلى توحيد المصالح وزيادة نمو إيرادات المقترضين وتعزيز توظيف الطاقة الإنتاجية. كما ستخضع كل العمليات للتحليل والضمان والتأمين الشفاف على الائتمان، مما يساهم في تقليص وإدارة المخاطر المرتبطة بسعر الصرف وخطر التعرض لها. ومن المتوقع أن ينطلق النشاط خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل.