IMLebanon

النازحون السوريون في مخيمات عكار: “تاركينا ع الله… هيك هيك ميتين”!

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

يسمع النازحون السوريون في عكّار أخبار “كورونا” في لبنان وبلدان العالم، من التلفزيون ووسائل التواصل الإجتماعي، وبعضهم لا يملك تلفزيوناً في خيمته، ولا حتى “إنترنت” ليتابع.

وفي حين يسيطر الرعب “الكوروني” على لبنان من أقصاه إلى أقصاه، فيحجز المواطنين في منازلهم، ويغلق الدوائر والمؤسسات ويلغي إجراءات السفر والحجوزات ويشلّ حركة البلد، تعيش المخيمات السورية بعيداً من أي صدى “كوروني”.

في محافظة عكّار وحدها يعيش أكثر من 400 ألف نازح سوري (إحصاءات غير رسمية)، موزّعين على مخيمات عشوائية، ومنهم من يعيش بين اللبنانيين في القرى والبلدات. وعكار هي المنطقة اللبنانية التي استقبلت أكبر عدد من النازحين، يعيشون بظروف إنسانية غاية في الصعوبة. دخلنا إلى أكثر من مخيم واستطلعنا أوضاعهم وسألنا عن الإحتياطات من وباء “كورونا” في حال وُجد.

عشرات بل مئات الآلاف من النازحين يعيشون في مخيمات موزّعة في عكّار على مختلف مناطقها، لا ظروف حياة صحيحة أو صحية. أطفال، رجال، نساء وكبار في السنّ، يعيشون من دون أبسط مقومات العيش الكريم لإنسان. أما شروط السلامة الصحية فلا مجال للحديث عنها عندما يكون المسكن عبارة عن خيمة بالية، أما عوارض “كورونا” فأكثرهم لا يعرفها ولا يعرف أين يذهب في حال أصيب بهذا الوباء. ويؤكدون “أن المساعدات توقفت والغلاء جعلهم بلا حيلة، عندما يمرضون panadol أو الدواء الأقل سعراً لدى الصيدلي”.

أوضاع اجتماعية وإنسانية صعبة يعيشها سكان المخيمات. وفي زمن تفشّي “كورونا”، ثمة مخاوف من دخول هذا الوباء الخطير إلى المخيمات في ظل عجز المستشفيات اللبنانية عن القيام بواجباتها تجاه اللبنانيين، فما بالك بالوضع بالنسبة إلى النازحين؟ في مخيم الريحانية في بلدة ببنين العكارية، يسمع اللاجئون السوريون هنا عن وباء “كورونا” ولكنهم لا يخافون، كما هي الحال لدى اللبنانيين. هنا لا إجراءات حماية ولا وقاية، ولا حتى قدرة على تأمين مستلزمات أو أدوات تعليم. يقول محمد بكّار (نازح سوري) لـ”نداء الوطن”: نسمع عن “كورونا” من الإعلام، لكن ليس لدينا القدرة المادية على تأمين كمامات أو أدوات تعقيم. حتى المنظمات الدولية لا تؤمّن لنا أي شيء، لا معقّمات ولا غيرها… نحن لسنا خائفين لأنه حتى لو خفنا فماذا نستطيع أن نفعل؟ نحنا تاركينا ع الله”. النازحون هنا في مخيم الريحانية يؤكدون أن “لا وزارة الشؤون الإجتماعية ولا المنظمات وزّعت أي مساعدات بما خص الحماية من كورونا”.

في قرية قعبرين في منطقة سهل عكّار يوجد مخيم نزوح سوري، هنا أيضاً لا يتّخذ ساكنوه أي إجراءات للحماية، أو بالأحرى هم غير قادرين على القيام بهذا الأمر. يؤكد شادي الشعار (نازح سوري) لـ”نداء الوطن” أنّ “أوضاع النازحين بشكل عام مأسوية وهنا في منطقة السهل بشكل خاص. المساعدات من المنظمات الدولية توقفت، وفي ظل انتشار فيروس كورونا ثمة تجاهل من المعنيين سواء في الحكومة اللبنانية أم في المنظمات المعنية، لحياة النازحين وأساليب الحماية والوقاية الخاصة بهم”. أما الحاجّة أم محمد فتقول وفي القلب غصّة “يا إبني والله مو لاقيين ناكل وما معنا… كيف بدك نحسن نجيب أدوات هاي الكورونا؟”.

وفي حين لا تبدو أية مخاوف على النازحين السوريين في عكار من تفشّي “كورونا” وهم على ما يؤكدون “تاركينا على الله”، يتخوّف اللبنانيون من دخول “كورونا” إلى مخيمات النزوح، وعندها ستكون الكارثة الكبرى، في ظل انعدام القدرة الرسمية والشعبية على المواجهة. وتأتي المخاوف أيضاً من إمكانية دخول نازحين إلى الداخل السوري فربما قد يحملون معهم الفيروس عند العودة. قد يكون “كورونا” دخل المخيمات وفي فترة احتضان وقد لا يكون، لكن وعلى ما يبدو، فالأزمات التي عاشها الشعب السوري منذ 2011 خصوصاً النازحين لا سيما التهجير والفقر والموت، جعلت “كورونا” بالنسبة إليهم شيئاً دون الاكتراث له لأنه على حد قول أحد نازحي مخيم الريحانية “هيك هيك ميتين”.