IMLebanon

قيادات “14 آذار” تحيي الذكرى بمواقف خجولة

كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط“:

تراجع الاهتمام بذكرى 14 آذار 2005، وهو تاريخ الانتفاضة الشعبية التي ساهمت بخروج الجيش السوري من لبنان، في السنوات الماضية، وانعدم الاحتفال بها بعد التسوية الرئاسية التي أوصلت العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، حتى كاد الاهتمام يغيب كلياً هذا العام لولا بعض التغريدات الخجولة لقيادات هذه القوى.

وبعدما كانت الذكرى محطة رئيسية لتلاقي الأحزاب السياسية التي تجمعت تحت لواء قوى 14 آذار وتجديد التمسك بما يسمونه «مبادئ ثورة الأرز»، لم تنجح مكونات هذا الفريق التي ارتأت الانضمام إلى صفوف المعارضة ورفضت المشاركة في حكومة الرئيس حسان دياب، في إعادة لم شملها نتيجة اختلافها حول الآليات الواجب اعتمادها إضافة للأهداف المفترض التصويب عليها. وهو ما عبّر عنه رئيس حزب «القوات» سمير جعجع مؤخراً بقوله إن «المشكلة في تشكيل جبهة معارضة تكمن في المستقبل والاشتراكي، فهما لا يريدان الذهاب بالمواجهة أكثر ويتجنّبان الصدام مع حزب الله».

واكتفى رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري السبت بإحياء الذكرى بتغريدة على حسابه على «تويتر» قال فيها: «يحل 14 آذار هذا العام في ظروف مأساوية وصعبة تواجه لبنان والعالم. لكن هذا اليوم سيبقى علامة مضيئة في تاريخ اللبناني وعنواناً للتمرد على الهيمنة والظلم والوصاية مهما اشتدت من حولنا العواصف والأهوال». ووجه الحريري «تحية إلى اللبنانيات واللبنانيين الذين تدفقوا من كل المناطق إلى بيروت ليطالبوا بقرارهم الوطني الحر والمستقل، ولشهداء مسيرة الاستقلال الثاني التي توجت بشهادة الرئيس الشهيد رفيق الحريري».

أما جعجع فنشر صورة على حسابه على «تويتر» كُتب عليها: «من 14 آذار إلى 17 تشرين… الثورة مستمرة».
وفي الوقت الذي لا يزال «المستقبل» و«القوات» مختلفين على كيفية مقاربة المرحلة، فإنهما متفقان على اعتبار انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) امتداداً لانتفاضة 14 آذار، وهو ما عبّرت عنه عضو كتلة «المستقبل» النائبة رولا الطبش، معتبرة أن نبض الناس لم يتغير منذ عام 2005، والشعارات هي نفسها كما الحقوق، لافتة إلى أن «الثورات عبر التاريخ تمتد لسنوات، تخمد أحياناً وتتأجج أحياناً أخرى».

وأوضحت الطبش رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» أن «إحياء الذكرى هذا العام قد تم فعلياً، ولو بشكل غير مباشر، عبر إحياء ذكرى 14 شباط، في (بيت الوسط)». وأشارت إلى أن «وجود معظم مكونات 14 آذار في السلطة، سابقاً، لم يكن السبب في التباعد الذي حصل فيما بينها، حتى نفترض أن وجودها في المعارضة اليوم سيُعيد لملمة شملها»، مذكرة بأن «14 آذار لم تكن كتلة واحدة منذ لحظة نشوئها، بل تكتل قوى اجتمعت على مبادئ وخطوط عريضة في الاستراتيجية السياسية والسيادية والوطنية، ولم تكن مشروعاً سلطوياً موحداً. وبالتالي وجودها في المعارضة ليس بالضرورة سبباً لتوحيد خطابها السياسي المعارض تجاه الحكومة، في حين أن لكل من مكوناتها سُلّما لمعارضته يتدرج فيه من مواقف آنية من أمور تقنية، وصولاً إلى عناوين عريضة أشمل».

 

من جهته، رد عضو كتلة «القوات» عماد واكيم عدم إحياء ذكرى 14 آذار للظروف الصحية المرافقة لأزمة كورونا ما استدعى الحد من الاجتماعات الحزبية والمهرجانات، لافتاً إلى أن مكونات هذا الفريق لا تزال تجمعها العناوين الاستراتيجية وإن كانت تختلف على النظرة لكيفية إدارة الدولة والأداء داخل المؤسسات. وقال واكيم لـ«الشرق الأوسط»: «نبهنا كقوات لبنانية من الوضع الاقتصادي والانهيار المالي قبل حصوله لكن حلفاءنا لم يؤازرونا لأنهم كانوا يتمسكون بوسائل أخرى للمعالجة… على كل حال قيام الجمهورية القوية الذي كنا نناضل لتحقيقه معا في 14 آذار بات أقرب لأن يتحقق اليوم من خلال ثورة 17 تشرين الأول».

نظرة واكيم لوجوب مواكبة الظروف المستجدة، يوافقه عليها النائب عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» هادي أبو الحسن الذي تحدث عن محطات تاريخية منذ 2005: «فبعد خروج الجيش السوري بوقتها كانت محطة أيار 2008 التي لم تتمكن الدولة خلالها من حماية مواطنيها لكننا ارتأينا حينها سلوك مسار حماية البلد لا النزاع المسلح»، وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أما اليوم، فالشعب يرزح تحت أوضاع اقتصادية ومالية صعبة للغاية إضافة لوباء كورونا الذي يهدد البشرية جمعاء، ما يوجب التأقلم مع متطلبات كل مرحلة». وأشار أبو الحسن إلى أن «إعادة إحياء المحاور السياسية بمفهومها القديم، بات أمراً صعباً لكن لا يغنينا عن إعلان التمسك بمبادئ ثورة الأرز والانتماء العربي للبنان، تصدياً لمحاولات البعض دفعنا إلى الانعزالية».