IMLebanon

كابيتال كونترول: الحكومة تذهب الى جيوب الناس بدل الاصلاح!

فتح مجلس الوزراء فوق طاولته اليوم أوراق مشروع قانون “الكابيتال كونترول” الذي من شأنه “تنظيم وضع ضوابط على بعض العمليات والخدمات المصرفية”. بغضّ النظر عما سيكون مصيره في الحكومة، يُقرّ، يُعلّق، يُرجأ البحث فيه لمزيد من التدقيق والدوزنة (…)، فإن مجرد طرحه للنقاش، يدل الى ان ثمة “توجّها” جديا لدفع البلاد نحو مرحلة جديدة اقتصاديا وماليا، توجّهٌ اذا “عمّر” وكتبت له الحياة، فإنه سيبدّل جذريا نموذجَه التقليدي التاريخي.

فبحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، لبنان الذي عُرف باقتصاده “الحرّ” الليبيرالي، في خطر. نعم، النموذج السابق أوصل البلاد الى الحفرة القاتلة التي تتخبط فيها حاليا، خاصة بعد ان أسيء استخدامه من قبل طبقة سياسية سخّرته وطوّعته لخدمة مصالحها، الا ان البديل الذي يطرح اليوم ليس الحل، تتابع  المصادر، بل قد يفاقم الأزمة. فما تحاول فعله حكومة 8 آذار اليوم، ليس تطوير النموذج أو اصلاحه. كما انها لا تطرح بديلا له يكون صالحا للقرن الحادي والعشرين وقابلا للحياة. بل هي في صدد خطوات تريد منها ادارة الواقع المأزوم الراهن، ستكون لها على الارجح آثارا بالغة السلبية في الداخل واصداء لا تقل سلبية في الخارج.

فهي بدل ان تلجأ الى اصلاحات حقيقية، كفيلة اذا ما حصلت بإنقاذ لبنان واقتصاده ونموذجه، كوقف الهدر في الكهرباء والاتصالات وضبط التهريب على الحدود وعلى المرافق الشرعية، وترشيق الادارة العامة (…)، قررت ان تذهب الى الخيار الاسهل: المودعين الصغار. فالكابيتال كونترول سيؤمن في الواقع “مشروعية” لما تمارسه المصارف منذ اشهر لناحية “حبسها” اموال اللبنانيين ومنعهم من التصرف بها كما يريدون، وسيحول دون اي مساءلة قانونية للمصارف على ما تفعله. وتاليا، سيكون تصرّف الدولة بأموالنا أسهل وسيستخدمونها لرفد “المركزي” واحتياطاته التي اقتربت من النفاد…

واذا كان هذا التدبير يفترض ان يرضي المصارف، فهو للمفارقة، لن يفعل. ففصول “الانقلاب المالي” الجاري الاعداد له، لا تقف هنا! والحال ان الحكومة، ورئيسها في شكل خاص، تحاول سحب قرار تحديد سقوف السحوبات المالية من يد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (ويد وزير المال على ما تردد) ووضعها في يد مجلس الوزراء، الامر الذي يشكل انتهاكا لصلاحيات الحاكم. هذا المسعى من شأنه نقل الكلمة الفصل في شأن مالي – نقدي كبير، من ملعب اهل الاختصاص المفترَضين، الى يد “السلطة السياسية” التي لم تُثبت يوما نزاهة وكفاءة ونظافة كف، بحسب المصادر، بل على العكس. وكلنا يعرف ان هذه الحكومة أتت بها قوى سياسية شاركت في الحكم طوال العقود الماضية..

مشروع “الكابيتال كونترول” المتوقع اذا،  ليس مجرد تدبير مؤقت كما يقال، بل يحمل في طياته ما هو أكبر وأخطر. وفيما يفترض ان ينتقل من السراي الى البرلمان لنيل موافقته قبل ان يصبح نافذا، تسأل المصادر “هل سيجرؤ النواب على السير به، مع علمهم بالغضب الشعبي العارم الذي سيفجّره، ربما ليس اليوم بسبب كورونا، بل في المستقبل القريب؟ وهل هم مستعدون لتحمل مسؤولية قوانين واجراءات سترمي لبنان وشعبه واقتصاده الحر، في المجهول؟