IMLebanon

هوس النظافة والـ”كورونا” في كنف العائلة

كتب انطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:

يُعرَف فيروس «الكورونا» بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة (Middle East Respiratory Syndrome)، وهو نوع من أنواع الفيروسات التي تصيب الإنسان والحيوان على حد سواء. وقد تمّ التبليغ للمرة الاولى عن إصابة بفيروس «الكورونا» في العام 1937، حيث أُصيب العديد من الطيور بهذا الفيروس. ولكن سنة 2012، سُجِلَت الحالة الأولى لإصابة الإنسان بهذا الوباء. وحتى نهاية سنة 2015، بلغ عدد الإصابات بالكورونا 1250 حالة، و685 من المصابين شُفِيُوا، فيما توفّيَ الباقون. ولكن منذ حوالى الشهر، بدأ العالم يهلع بسبب ظهور هذا الوباء من جديد وظهر معه هوس النظافة، خصوصاً غسل اليدين باستمرار، بما أنّها من أهم سبل الوقاية من هذا الفيروس. ما هو دور العائلة في توعية أطفالها عن هذا الفيروس؟ وكيف يمكن للأهل تخفيف القلق عند أطفالهم بسبب هذا الوباء؟

في الآونة الأخيرة، سمعنا جميعاً عن طرق الوقاية من فيروس الكورونا والتي يمكن أن تُستخلص بالنقاط التالية:

تجنّب الاقتراب من الأشخاص المحتمل إصابتهم بالفيروس أو عدم إستخدام الأغراض الخاصة بالشخص المصاب، وإرتداء الكمامات الواقية على الفم والأنف، وضرورة غسل اليدين بالماء والصابون بشكل متكرّر. هذا التصرّف يمكن أن يدفع الشخص إلى هوس غسل اليدين خصوصاً إذا كان لديه إستعداد للهوس، وللاهل دور أساسي في تعزيز هذا السلوك.

القلق والـ»كورونا»

من المعروف أنّ القلق شعور طبيعي يمكن أن يمرّ به أي إنسان لسبب ما، منها تفشي مرض. ولكن «الكورونا، الذي ينتقل بشكل سريع وفتّاك في الهواء (من خلال رزاز السعال…) أدّى إلى أفكار سلبية استحوذت الكثير من الأشخاص وخصوصاً العائلات التي لديها أطفال صغار. فالخوف من التقاط المرض والخوف من «الإنعزال» بسببه، وغيرها من الأفكار تزيد القلق الذي يمكن أن يؤدي إلى عوارض نفسية أخرى أو إلى عوارض جسدية منها: ضيق بالتنفس (سببه ليس الكورونا)، صعوبة في النوم، سرعة في دقات القلب،… وطبعاً هناك بعض العوارض النفسية التي يمكن أن ترافق حالة القلق كصعوبة في التركيز، والشعور الدائم بعدم الراحة، وفقدان الإهتمام بالذات وصولاً ربما إلى الإكتئاب (وطبعاً هذه الحالات تتفاوت بحسب كل شخص وتكوينه النفسي ومشاكله العائلية ونمط عيشه والبيئة الحاضنة له).

ودور العائلة في هذا الخصوص هو توعية أفرادها، خصوصاً الصغار منهم، بطرق تخفف عوارض القلق لديهم المرتبطة بهذا الوباء، من دون الاستخفاف بأهمية الوقاية. أي يمكن للأب أن يفسّر لطفله بشكل بسيط أهمية غسل اليدين كل ساعة مثلاً، وعدم لمس الوجه بشكل متكرّر، وغيرها من التصرّفات التي تقي من هذا الفيروس، من دون تعزيز القلق وجعل الطفل خائفاً طوال الوقت. وإذا كان الأهل يجبرون الطفل على غسل اليدين بشكل متكرّر، ويعززون القلق عنده، يمكن أن يتحوّل الطفل إلى فريسة سهلة للهوس، خصوصاً هوس غسل اليدين، ولا سيما إذا كان لديه إستعداد مُسبق لهذا التصرّف.

دور العائلة في تخفيف القلق

يمكن أن يعزز الكثير من سلوكيات الأهل أو يخفف من القلق عند الطفل. فمثلاً، عندما يزورنا طفل في العيادة للعلاج النفسي، يقوم الأخصائي النفسي بتقصّي القلق عند الأهل ومعرفة أسبابه. وفي غالبية الأحيان، يمكن أن يكون قلق الطفل نتيجة سلوكيات لاواعية من الأهل. لذا، هنا بعض التوصيات لتخفيف هوس غسل اليدين عند الأطفال بسبب قلق يشعرون به:

1 – تخصيص بعض الوقت للطفل والتفسير له عن أهمية غسل اليدين . والمعلومات التي يمكن تقديمها للطفل يجب أن تتناسب مع عمره وإستيعابه. كما لا يمكن إخافته بصور أو مشاهد عن الكورونا أو عن المصابين به.

2 – الطلب من الطفل غسل اليدين، بشكل واعٍ وبسيط وليس بشكل هوسي ومتكرّر. ويجب أن يكون الأهل المثال لأطفالهم.

3 – إذا لاحظ الأهل أنّ الطفل خائف جداً من معلومة غير صحيحة حصل عليها من أصدقائه في الحي أو في المدرسة، يمكن تصحيح المعلومات التي أخافته، بشكل مناسب لعمره.

4 – عادة، إذا خاف الطفل من مرض ما، يمكن أن يعاني من فقدان الشهية. لذا على الأهل الحفاظ على إطار أوقات الطعام وعادات تناول الطعام الصحية، فلا يجب أن يجبر الأهل طفلهم على تناول وجبته. كما لا يجب أن يهلع الأهل لأنّ الطفل سيطلب تناول الطعام بنفسه عندما يشعر بالجوع.

5 – للمدرسة دور أساس في توعية التلامذة عن المواضيع الطبية. عادةً، تقوم الممرضة التي تعمل في المدرسة، والأخصائي النفسي المدرسي مع مساعدة الطبيب، بهذه التوعية، خصوصاً في حال أصبح «الكورونا» مرضاً وبائياً ومنتشراً في العالم.