IMLebanon

الخفايا الأميركية في قضية الفاخوري: اعتراف بالحكومة واستئناف المساعدات

كتب انطوان الاسمر في صحيفة “اللواء”:

يفتقر الى الدقة والمسؤولية الكثير مما أُهرق من حبر محلّي على قضية عامر فاخوري منذ توقيفه في أيلول 2019 حتى إطلاقه قبل يومين.

حقيقة الأمر، أن ملف الفاخوري أميركي بإمتياز وأن الإدارة الرئاسية كانت واضحة في مطالبتها بإقفال هذا الملف، وفي تهديدها باعتبار لبنان في رأس قائمة الدول المعادية للولايات المتحدة الأميركية، بما سيؤدي حتما وحكما الى وقف كل المساعدات الاقتصادية والعسكرية، من بينها مساعدات تتخطى الـ500 مليون دولار. وشمل التهديد إدراج عشرات الشخصيات السياسية والقضائية والعسكرية والسياسية في اللائحة السوداء، مع ما يعني ذلك من عقوبات مالية، في حال قضى الفاخوري نحبه في السجن بفعل المرض.

وكانت هذه الزاوية («اللواء»، 28 كانون الأول 2019 و29 شباط 2020) قد تناولت تفصيلا المسعى الأميركي الذي تولته الديمقراطية جين شاهين المتزوجة من المحامي اللبناني الأصل بيل (ويليام) شاهين وزميلها الجمهوري تيد كروز للضغط في إتجاه إطلاق فاخوري تحت طائلة استصدار قانون «صفر تسامح» الذي يستهدف مسؤولين في الحكومة اللبنانية، بسبب مواصلتها اعتقال فاخوري بصفته مواطنا أميركيا من مدينة دوفر، في ولاية نيوهامبشير التي تمثلها شاهين. واللافت أن قضية الفاخوري جمعت الحزبين الديمقراطي والجمهوري وشكلت مساحة مشتركة بين شاهين وكروز رغم التباين الكبير بينهما في مقاربة المسألة اللبنانية. فالسيناتور الديمقراطية بصفتها عضوا في لجنة المساعدات الخارجية التي يقع ضمن صلاحياتها إقرار المعونات والهبات للدول والجيوش الصديقة للولايات المتحدة الأميركية، كانت من أشد المؤيدين لاستمرار تقديم المساعدات للجيش اللبناني، فيما يعدّ السيناتور الجمهوري رأس حربة في الدفع باتجاه إلغائها. في هذا السياق، تجتمع اللجنة الثلاثاء المقبل في 24 آذار للبحث في المعونات التي ستقدمها الولايات المتحدة الى عدد من الدول، ومن ضمنها سيتم التصويت على تحديد الميزانية المخصصة للجيش اللبناني والمحددة بنحو 200 مليون دولار). وربما ثمة رابط بين إجتماع اللجنة وتوقيت إطلاق فاخوري، في ضوء تهديد شاهين بمعارضة إقرار هذه المساعدة في حال عدم التوصل الى حل لقضيته.

الوقائع قد تنطوي على تبادل منافع أميركي – إيراني!

ولا شك أن مسعى السيناتور الديمقراطية، وخصوصا إطلالتها في «فوكس نيوز» في تشرين الثاني الفائت، وتحديدا حديثها عن وجود «رهينة أميركي في بيروت»، إستوقف الرئيس دونالد ترامب الذي تبنى القضية فورا ووظفها في سياق حملته القائمة في أحد أهم عناصرها على إستعادة كل الرهائن الأميركيين في سجون الخارج، وطلب من مستشاره للأمن القومي روبرت أوبراين الاهتمام شخصيا بملف الفاخوري (أوبراين كان يشغل منصب المبعوث الرئاسي لتحرير الرهائن الأميركيين حول العالم).

وفي ذهن ترامب، في موسم المواجهات الانتخابية، أنه بذلك يسحب البساط من تحت السيناتور شاهين، وموقفه معروف من مسعى الديمقراطيين الى عزله.

لكن كل تلك الوقائع، قد تنطوي على خفايا ومتفرعات كثيرة، من مثل تبادل منافع أميركي – إيراني، منها ما ظهر كمثل إطلاق مايكل وايت الجندي السابق في البحرية الأميركية السجين في طهران بتهمة إهانة المرشد الأعلى علي خامنئي، وإطلاق فرنسا مساء أمس الجمعة المهندس الإيراني جلال روح الله نجاد الذي كان من المفترض أن تسلّمه باريس الى واشنطن على خلفية إتهامه بخرق العقوبات الأميركية. وقد سُلّم الى السفارة الإيرانية في باريس ووصل طهران ليلا، ومنها ما لا يزال طيّ الكتمان وقد يسلك طريقه قريبا (يُحكى جديا عن رجل الاعمال قاسم تاج الدين).

وليس تفصيلا في كل هذا الخضمّ، أن يقف الرئيس الاميركي ليشكر الحكومة اللبنانية على الجهد الذي بذلته، الحكومة نفسها التي كانت توصم حتى الأمس القريب بأنها حكومة حزب الله المنبوذة!