IMLebanon

الكورة والكورونا… العبرة في صمود الخطّة

كتب الان سركيس في “نداء الوطن”:

أيام حاسمة أمام لبنان في معركته مع وباء “كورونا”، والقرار بات في يد الشعب ومدى التزامه بالحجر المنزلي وإلا ستكون البلاد أمام تفشي هذا الوباء الخطير.

تأخّر الشعب اللبناني في إدراك مخاطر “كورونا”، إذ إنه اعتبر أن المناداة بالحجر المنزلي فرصة للتنزه والاختلاط وتعويض النقص في الواجبات الإجتماعية، فأتت كارثة الإصابات المتصاعدة لتضع الجميع أمام مسؤولياتهم.

ومن بين تلك المناطق التي ارتفع فيها منسوب الحذر قضاء الكورة لأنه يتوسّط أقضية عدّة وعلى احتكاك مع معظم أهل الشمال، كما أن سكان الأقضية المجاورة يقصدونه من أجل التبضّع وتأمين حاجاتهم اليومية. وقد زاد الخوف في هذا القضاء الشمالي بعد وفاة المواطن الياس البرجي بـ”كورونا”، والذي التقط الفيروس بسبب مصادفته في غرفة جان خوري في مستشفى سيدة المعونات والذي كان أول ضحية للكورونا في لبنان.

ويشهد قضاء الكورة استنفاراً عاماً، وتمّ التنسيق بين الهيئات المحلية والإدارية والمجتمع المدني في القضاء ووضع خطة للمواجهة، وباتت الطرقات خالية من السيارات والمارة إلا في حالة الضرورة القصوى، وقد أقفلت الطرق الفرعية في البلدات لمنع دخول الغرباء، أما المداخل الرئيسة للقضاء مثل أوتوستراد شكا – الارز، طريق ضهر العين – كوسبا، الأوتوستراد الساحلي بقيت سالكة أمام سكان بقية الأقضية لتلبية حاجاتهم الضرورية.

 

لكن المفاجأة حصلت أمس بعدما أقدمت القوى الأمنية على فتح طريق كفرعقا – بصرما والتي كانت بلدية كفرعقا قد أغلقته سابقاً للحد من انتشار “كورونا”. وأثارت هذه الخطوة امتعاض أهل المنطقة واعتُبرت كسراً لقرار المجلس البلدي واختراقاً خطيراً للخطة التي وضعتها البلدية لمواجهة انتشار “كورونا”. وفور تبلغه بالخبر، إجتمع رئيس بلدية كفرعقا الياس ساسين يرافقه وفد من المجلس البلدي مع بلدية بصرما للتنسيق في سد هذه الثغرة الخطيرة في الخطة المطبقة، واتفق الجانبان على اتخاذ تدابير سريعة للحد من تداعيات فتح الطريق. ويستغرب رئيس بلدية كفرعقا عبر “نداء الوطن” ما حصل، “فالحكومة تقول لنا شيئاً وعندما ننفذه تأتي وتضربه”، لافتاً إلى أنه “بناء على قرار مجلس الوزراء وتوجيهات وزير الداخلية قمنا بعزل البلدة التي يسكنها 5 آلاف مواطن وألف سوري، وحصرنا المداخل بمدخل واحد، وقد اتصلت بنا القوى الأمنية وطلبت منا فتح الطريق، فقلنا لهم إفتحوها على مسؤوليتكم نحن لن نفتحها، وفعلوا ذلك”.

ويشير ساسين إلى أنه قام بكل التدابير لحماية البلدة “لكن للأسف قرار فتح الطريق يضرّ، فإذا وقعت إصابة يأتون إلينا ويسألوننا لماذا لم تتخذوا تدابير وقائية؟ وبالتالي فإن ما حصل يحتاج إلى أجوبة”، موضحاً أنه يفعل “المستحيل للحماية على رغم تواضع الإمكانات، وقد أتى 3 سوريين من طرابلس منذ يومين لكننا ضغطنا على من يستقبلهم لترحيلهم، لأننا لا نعرف ما إذا كانوا يحملون المرض”.

 

ووسط ترقّب الأهالي والبلديات لما سيحصل، تؤكّد قائمقام الكورة كاترين الكفوري في حديث لـ”نداء الوطن” أن “نسبة الإلتزام في القضاء هي عالية جداً، فأهلنا في البلدات والمدن واعون إلى حجم الخطر، ومنذ إعلان التعبئة العامة وحتى ما قبلها، إلتزموا منازلهم”.

وتشير الكفوري إلى أن هذا الأمر يساعد الجيش والقوى الأمنية على تنفيذ مهامها إذ إنها لم تتعذب لتطبق حظر التجوال لأن الأهالي طبقوه أصلاً، فيما التنسيق بيننا وبين البلديات يسير على أكمل وجه وكل طرف يعرف مسؤولياته جيداً ويعي خطورة المرحلة.

أما النقطة التي تثير ريبة القائمقام فهي التأخر في إعلان نتائج فحص “كورونا”، إذ إنه يوجد عدد من المواطنين الذين يشكون من إصابتهم بهذا الفيروس، ويجرون الفحص لكن النتيجة تأخرت وبذلك يرتفع منسوب الخطر على من كانوا قد احتكوا بهم، لذلك تطالب الكفوري وزارة الصحة الإعلان السريع عن النتائج.

وبحسب الأرقام المتوافرة لمجمل عدد الإصابات في الكورة، توجد 4 إصابات كان بينهم الفقيد البرجي والحالات الثلاث مرتبطة به، لكن الأرقام مرشحة للإرتفاع كل يوم إذا لم يتم اتّباع إرشادات الوقاية.

وتعاني الكورة مثلها مثل بقية الأقضية البعيدة عن العاصمة نقصاً في التجهيزات الطبية لمواجهة “كورونا”، ويوجد في القضاء 3 مستشفيات هم: البرجي، الكورة، ومستشفى هيكل الذي جهّز نفسه وتؤكّد إدارته أنه يجري فحوص “كورونا” لأبناء الشمال وهناك نتائج إيجابية تظهر، ويبلغها إلى وزارة الصحة، وتتجه الأنظار إلى تجهيز مستشفى طرابلس ليكون معتمداً من قبل أهالي الشمال بدل التوجه إلى مستشفى رفيق الحريري الذي تتقلص قدرة استيعابه.

وفي السياق، فإن عدم التزام بعض أهالي طرابلس بالحجر المنزلي وملازمة البيوت والإصرار على إقامة صلاة الجمعة، والإستمرار باستكمال الحياة بشكل طبيعي أثار مخاوف اهل الكورة والأقضية المجاورة، لكن تدخّل الجيش السريع لفض التجمعات وتطبيق حظر التجوّل أثار نوعاً من الإطمئنان في نفوس سكان الشمال الذين لوعتهم الحروب المتلاحقة، من ثمّ الأزمات الإقتصادية، لذلك لا يريدون ان يكون فناؤهم على يد الكورونا.