IMLebanon

انتكاسةٌ مزدوجة استعاد معها «كورونا» مساره المُقْلِق في لبنان 

 

تَدافَع أمس في لبنان عنوانا «كورونا» والانهيار المالي، وسط سباقٍ ارتسم بين معاندة «كوفيد – 19» الثبات عند منحى انحداري في الإصابات سرعان ما استعاد وتيرته التصاعُدية، وبين المزيد من انكشاف واقع «الدولة المتعثّرة» بتداعياته الاقتصادية والاجتماعية الكارثية على الوباء العالمي الذي أوقف «دوران» الكرة الأرضية وعجلة الحياة فيها.

وغداة ما يشبه الجرعة الزائدة من الاطمئنان حيال انضباط عدّاد الإصابات بالفيروس المستجد، عند مستويات تحت العشرة كل 24 ساعة، بما اعتُبر مؤشراً إلى قُرْب «الانتصار» عليه، تَعرَّض هذا المناخ الذي وصفه كثيرون بأنه مبالَغ به، لانتكاسةٍ مزدوجة ارتفع معها عدد الحالات المثبتة إلى 575 بزيادة 27 إصابة عن الثلاثاء، وذلك بعد بروز اختراقيْن لشبكة احتواء «كوفيد – 19»:

* الأوّل مع تسجيل 11 حالة بين ركّاب الدفعة الثانية من المغتربين الذين وصلوا إلى لبنان الثلاثاء على متن رحلات الإجلاء، 7 كانوا على متن طائرة العودة من مدريد (من بين 108 ركاب)، و4 كانوا في عِداد الرحلة من باريس (من أصل 118 راكباً)، إلى جانب إصابة رُصدت على متن رحلة خاصة من بريطانيا.

وفيما لم تكن صدرتْ بعد نتائجُ العائدين على متن رحلتيْ اسطنبول وكينشاسا، سرعان ما طَرَحتْ الإصاباتُ في صفوف المُنْتَشرين والتي بلغت نسبتها (على رحلتين نحو 9 في المئة) علاماتِ استفهامٍ حول مسار المراحل اللاحقة لعملية الإجلاء (تُستأنف اليوم والسبت والاثنين ضمن الجولة الأولى) بعدما كانت الحكومة ربطتْ استراتيجية التقنين بالرحلات لإعادة نحو 20 ألفاً بإجراء تقويم دوري لهذه العملية وعدد الحالات الايجابية بين العائدين بحيث لا يجد النظام الصحي نفسه أمام «تسونامي» إصاباتٍ تؤدي إلى إغراقه وتالياً شلّ قدرته حتى على التعاطي مع العبء الكوروني المحلي.

علماً أن رصْداً دقيقاً سيجْري للركاب الآخرين الذين كانوا مع المُصابين في رحلتيْ مدريد وباريس ورافقوهم في إقامة الـ 24 ساعة في فندقين بانتظار صدور نتائج فحوص PCR، وإن كانت شروط السلامة والأمان اعتُمدت بدقّة في هذا الإطار، وهؤلاء انتقلوا إلى الحَجْر المنزلي الإلزامي.

* والثاني اتساع رقعة الإصابات في بلدة بشري (شمال لبنان) والتي ناهزتْ 24 في يومين من بين 54 حالة جرى إخضاعها للفحوص، وهو الأمر الذي اعتبره البعض مؤشراً لكارثة تتجه إليها هذه المنطقة في حين قرأه آخرون، وبينهم وزير الصحة حمد حسن الذي تَفقّد المدينة أمس والمستشفى الحكومي فيها، دليلاً على عملية تَرَصُّد علمية ومحترفة تجري لاحتواء الفيروس عبر حصْر مُخالطي حالات إيجابية وتَتَبُّعهم.

وترافق صعود الخط البياني للإصابات مجدداً، مع اتجاه لرفْع عدد الفحوص اليومية إلى ألف، علماً أنها بلغت في الساعات الـ 24 الماضية 863 للعائدين ولبنانيي الداخل، وسط تَرقُّب بدء اعتماد فحوص الـ Rapid Test في مطلع مايو، وفق ما أعلن الوزير حسن، وذلك عشية التئام المجلس الاعلى للدفاع اليوم، قبل جلسة مجلس الوزراء للبحث بتمديد فترة «التعبئة العامة» المرجّحة حتى نهاية ابريل الجاري وتعزيز إجراءات ضبْط حركة التنقل للمواطنين.

وكان لافتاً أمس، الاجتماع الأمني الذي عُقد برئاسة الرئيس ميشال عون وحضور رئيس الحكومة حسان دياب ووزراء وقادة الاجهزة الأمنية وخُصص لعرْض الأوضاعِ الأمنية وتقييم الاجراءات المُتّخذة.

وفي موازاة ذلك، كان الواقعُ المالي المتهالك يضغط بقوّةٍ على المشهد الداخلي في ضوء التشابُك بينه وبين الارتدادات الاقتصادية – المعيشية لـ «كورونا»، والذي كان الأكثر تعبيراً عن الخشية من نتائجه المُفْجِعة بيان منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي حذّرت «من جوعٍ يتهدد سكان لبنان جراء انتشاركورونا المستجد والقيود المتخذة لمكافحته في هذا البلد الذي يشهد أساساً انهياراً وأزمةٍ اقتصادية مدمّرة»، داعية الحكومة «إلى اتخاذ إجراءات سريعة لتقديم مساعدات إلى الأكثر تَضَرُّراً».

وفيما كان وزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية يُطْلِق برنامج التكافل الاجتماعي ضمن خطة الطوارئ الاجتماعية لمعالجة تداعيات «كورونا» لمساعدة العائلات الأكثر حاجة، بقيت الأنظار شاخصةً على برنامج الإصلاح المالي والنقدي الذي باشرتْ الحكومةُ مناقشته بوتيرة سريعة وتسعى لإنجازه الأسبوع المقبل، والذي يُعتبر ممَراً إلزامياً لمدّ الخارج يد المساعدة للبنان في طريق الإنقاذ من الانهيار المالي وفق ما جرى تظهيرُه بلا قفازات خلال اللقاء مع مجموعة الدعم الدولية يوم الاثنين، إلى جانب البُعد السياسي الذي صار اسمه الحَركي «النأي بالنفس عن أزمات المنطقة».

وإذ كانت أوساطٌ مطلعة تقرأ في الموقف الاستلْحاقي من وزارة الخارجية بإدانة الهجمات الصاروخية الحوثية على الرياض وجازان أواخر الشهر الماضي، محاولةً لترميم الجسور مع دول الخليج التي تبقى «شبكة الأمان» الرئيسية للبنان، الذي باتت رحلةُ الخروج من نفقه المالي تُسابِق الانهيارات العالمية التي يَتَسَبَّب بها«كورونا»، متسائلة عن «مكانة» حزب الله من هذا التطور النوعي، برَزَ موقفٌ عابِرٌ للوقائع الآنية أطلقه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من «أن الشعب اللبناني يدْفع ثمن ممارسات حزب الله».