IMLebanon

الحكومة تذهب إلى جيوب الناس لسد العجر

 في أعقاب اجتماع قصر بعبدا الذي ضم اهل الحكم الى اعضاء مجموعة الدعم الدولية للبنان، الاثنين الماضي، شعرت الدولة اللبنانية بالسخن اذا جاز القول. أركانها كانوا يعوّلون على “جرعة” مساعدة يمكن ان تمدّهم بها الدول المانحة تسهّل عليهم مهمّة اجتياز “صحراء” الازمة الاقتصادية المالية الخانقة التي تعيشها البلاد، في انتظار انجازها خطتهم الانقاذية الموعودة والبدء بجني ثمارها.

الا ان رهان هؤلاء خاب. فالرسالة أتت واضحة وقاسية، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”: لن يكون هناك اي دعم قبل الاطلاع على خريطة الطريق الاصلاحية التي ستعتمدها الحكومة. عليه، سارعت الاخيرة الى تفعيل اجتماعاتها ولقاءاتها محاولة الخروج بورقة ما، في أقرب وقت. وبحسب المصادر، “العَجَلة” ظاهرة في معالم الخطة العتيدة، فهي يبدو ذهبت الى أسهل السبل لسدّ العجز في الموازنة. هدفها تأمين أموال سريعة. وللغاية، يبدو انها ستذهب الى ودائع الناس لتصادرها بشكل او بآخر.

بدلا من معالجة مكامن الهدر الاساسية، تتابع المصادر، من الكهرباء الى التوظيف العشوائي في الادارات العامة، مرورا بضبط التهريب، وتوسيع الشراكة بين القطاع العام والخاص، تتّجه الحكومة على ما يبدو الى وضع اليد على ودائع من تعتبرهم “كبار المودعين”، فتُخضعها لـ”قصّ شعر” او “هيركات”، او “تُجبرهم” على تجميدها او مقايضتها بأسهم في المصارف المودَعة فيها.

كما انها ستلجأ الى اعادة تنظيم الواقع المصرفي ككل، مع توجّه نحو شطب الديون التي على الدولة ان تسدّدها لمصرف لبنان. لكن مَن سيدفع ثمن هذه العملية هم الناس من جديد، تضيف المصادر، فـ”المركزي” ديّن الدولة من أموالهم، وقرار الحكومة عدم السداد سيعني تبخُّر أموال اللبنانيين.

رئيس الحكومة حسان دياب قال امس ان 90 بالمئة، وما فوق من المودعين، لن نمس بودائعهم في أي اجراءات مالية. الا ان هذا الموقف يحتاج الى بلورة وتوضيح بلا شك، مع تحديد الفئة التي ستطالها هذه التدابير “فهل من العدل ان تقرر الدولة الاقتطاع من مدّخرات ناس فنوا عمرهم، لجمع أموالهم، لتعوّض أخطاء او “خطايا” الطبقة السياسية وفسادها على مرّ العقود السابقة”؟

المصادر تتوقع الا تمرّ البنود التي تقترحها الخطة، وأن تدور الحكومة حول نفسها دورة كاملة وتعود الى نقطة الصفر في ما هي في صدده. فالتدابير غير المنطقية وغير العادلة لا يمكن ان تمرّ، لا شعبيا، ولا حتى سياسيا، وفق المصادر، اذ من الصعب جدا ان تقدم المكونات السياسية حتى تلك الداعمة للحكومة، على تبنّيها.

بعد سرد هذه المعطيات، تقول المصادر ان ثمة طريقا واحدا، لا اثنين، للحكومة للبدء بالنهوض. اصلاحات حقيقية جدية جذرية تذهب مباشرة الى مسببات العجز، معطوفة الى محاسبة فعلية لمَن هدروا المال العام، مع اعادة بناء علاقات لبنان بمحيطه العربي والخليجي. اما كل ما عدا ذلك، فسيشعل نار الانتفاضة في الشوارع من جديد، وستحرق الحكومة…