IMLebanon

لبنان: «عمى ألوان» حيال مسار الإنقاذ المالي

فيما بقيت مؤشراتُ «كوفيد – 19» على منْحاها الانحساري مع تسجيل 9 إصابات جديدة رفعت إجمالي الحالات إلى 641 إلى جانب ارتفاع عدد الوفيات من 20 إلى 21، بدا أن خطةَ الإنقاذ المالي التي سبق أن كُشفت مسودّتُها في الأيامِ الماضية علِقتْ في «َصنّارة» يُفترض أن الحكومة كانت رمَتْها، إما لجسّ النبض حيال خيار الـHAIRCUT على الودائع فوق المئة ألف دولار، وإما للتمهيد لـ«خطة ب» أو أكثر لسدّ فجوة خسائر مالية بنحو 60 مليار دولار، من ضمن مسارٍ يُراد أن يشكّل ما يشبه «جواز مرور» إلى «جيْب» صندوق النقد الدولي وإلى مفاوضاتٍ آمِنة مع الدائنين الأجانب الذين أعلن لبنان في 9 مارس الماضي وقْف سداد كل سندات «اليوروبوندز» التي يحملونها في الطريق إلى إعادة هيكلةٍ للدين العام بشقيّه الخارجي والداخلي.

وبعدما كانت كل المؤشرات التي ارتسمتْ في اليومين الماضييْن تدلّ على أن الـHAIRCUT الذي ورد في اقتراحات شركة «لازارد» (المستشار المالي للحكومة) وبنسبة تصل إلى 60 في المئة على ودائع ما فوق الـ100 ألف دولار (تشكل 90 في المئة من إجمالي الودائع الدفترية) هو طرْح وُلِد ميتاً، جاء تَولي رئيس البرلمان نبيه بري «دفْنه» بإعلانه أمس «اقرأوا الفاتحة على الهيركات وترحّموا عليه كما ترحّمتُم على الكابيتول كونترول» بمثابة تطوّر محمّل بالرسائل بأكثر من اتجاه.

ولاحظت أوساط واسعة الاطلاع، أن الاقتطاعَ من الودائع الذي بدا من اللحظات الأولى بعيْد انكشاف أمره أنه أقرب إلى «بالون اختبار»، ظهّر مجموعة مفارقاتٍ نافرة، بينها الارتباك الكبير الذي تعيشه حكومة الرئيس حسان دياب التي خرجتْ من اختبار الـHAIRCUT بندوبٍ إضافية بمدى إمساكِها بزمام قيادة دفّة «التايتنيك» وصولاً إلى التخفيف من وقع «الاصطدام الكبير».

وفي رأي هذه الأوساط أن الحكومة ومنذ اختلاط حابِل مسودّة خطة الإنقاذ بنابل تقرير «لازارد» واقتراحاته، وبعدما وجدت نفسها محاصَرة بنيران أهل البيت الحكومي وخصومها، انكفأت نحو غموضٍ زاد من «عمى الألوان» حيال المرامي الفعلية لمسار الخروج من الحفرة ومرتكزاته، ولم تنبرِ لأي عملية دفاع أو إضاءة على مكامن القوة التي تراها في خطتها، عاكسةً التخبط الذي تعيشه والتردّد الذي يحكم مقاربتها «كرة النار» المالية التي تُنْذر بحرق الأخضر واليابس في بلادٍ سرّع «كورونا» انزلاقَه نحو القعر الذي لا قعر تحته.

ولم يكن ينْقص صورة الحكومة سوى أن يتولى بري، وفيما كانت تعقد اجتماعها برئاسة دياب، نعي الـHAIRCUT معتبراً هذا التطوّر استكمالاً لـ«انتصارِ» نسْف مشروع قانون الـCAPITAL CONTROL الذي سحبه وزير المال غازي وزني (المحسوب على بري) من على طاولة مجلس الوزراء، وذلك حتى قبل أن يقول رئيس الوزراء كلمته الأولى والأخيرة في هذا الخيار الذي بدا من أول طرْحه «لقيطاً».

وكان بارزاً أن رئيس البرلمان وفي دردشته مع الإعلاميين أمس، قدّم أيضاً في معرض تظهير نفسه صاحب إنجاز تسديد «الضربة القاضية» للـHAIRCUT ما يشبه «خريطة الطريق» المالية للحكومة، كاشفاً «أن الفجوة المالية هي بنحو 56 مليار دولار وانا أول من قلت إن المساس بالمودعين هو بمثابة قدس الأقداس والحمدلله انتهينا من ذلك الآن»، ومعتبراً «أن هناك أموراً عدة يمكن اللجوء اليها، مثل مكافحة الفساد وسدّ أبواب الهدر والحسم من الفوائد (…) وهذه إجراءات لا يمكن حتى لصندوق النقد الدولي ان يرفضها (…)».

ومع طيّ صفحة الاقتطاع من الودائع التي «تبخّرت» عملياً بالدولار، برز تساؤل مفاده «هل ثمة هيركات مقنَّعاً» جاهزاً تحت عنوان الاقتطاع من الفوائد التي تراكمت على الودائع، أو إنشاء صندوق نهوض اقتصادي يضمّ جزءاً من أصول الدولة يسمح للقطاع الخاص بالمشاركة في ملكية بعض القطاعات العامة.

واذ كانت الأنظار أمس على بدء توزيع ‏مساعدة الـ400 ألف ليرة على الأسر الأشد فقراً، تلقّت هذه العملية ضربة بعدما تكشّفتْ خفايا تعليقها من الجيش بانتظار التدقيق باللوائح المستفيدة عن «فضائح» شابتْها بإدراج أسماء متوفّين وأخرى غير مستحقّة، فيما كانت الارتدادات المعيشية لحال «التعبئة العامة» المتشابكة مع الأزمة المالية تتعمّق مع تسجيل سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفاعاً قياسياً كسر معه عتبة الـ3000 ليرة (السعر الرسمي 1507 ليرات).