IMLebanon

بري “عمل السبعة وذمتها” كي تكون هناك حكومة برئاسة دياب

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

في زمن “كورونا” كما في غيره من الأزمان يبدو رئيس مجلس النواب نبيه بري عصياً على التعب. لمّاح موهوب باتت السياسة ذاك الفن الذي يتقنه عن ظهر قلب. من قال ان العمر قلب صفحاته من صوبه أو ان السنين مرت إلا كي تزيد من حنكته ودهائه السياسي. بلحظة يمكن ان ينقل محدثه بلهجته الجنوبية المحببة من السياسة الى الاقتصاد، من دون ان تفوته الاستعانة بتلك الامثال الشعبية حيث تدعو الحاجة.

بطلب قراءة الفاتحة على “الهيركات” والترحم عليه، يستقبل بري زواره ليعلن بالفم الملآن ان مصير الهيركات مشابه لمصير “الكابيتال كونترول” وقد لاقى الاثنان حتفهما ولا تجوز عليهما الا الرحمة. لا يوافق القائلين بأن الانهيار وقع، وإذا سارت الامور بالاتجاه الصحيح فالانقاذ ممكن “لا أقول انه سهل وليس صعباً ولكنه ليس مستحيلاً أبداً”.

له في الحديث عن الاصلاح رأي يقول ان العلة “في أننا ما زلنا حتى الآن نعالج النتائج ولا نلتفت الى الاسباب التي يفترض معالجتها، لا سيما على المستويين المالي والاقتصادي وموضوع الكهرباء والنفايات والتهويز”، وليس على طريقة “ان نضع بالحنفية من فوق والبالوعة الاكبر من تحت”.

الاصلاحات مطلوبة ولكن شرطها وفق ما ينقل الزوار عن الرئيس بري “تطبيق القوانين”، وهذا أمر واجب ومن شأنه ان يكافح الفساد ويحد من الهدر، ولكن في الوقت نفسه مطلوب اعداد خطة إنقاذية لا تطال اموال المودعين التي يعد المس بها قدس الاقداس، أي وضعها بمثابة “الايمان والدين” لكن “والحمد لله خلصنا منها اليوم”.

“ليس للفساد طائفة معينة كي يحتمي بها وبسببه وصلنا الى ما وصلنا اليه”، ويسأل: “من هنا كيف يمكن تغطية الفجوة المالية التي تقدر بنحو 59 مليار دولار؟ هل تغطى من أموال المودعين ممن كانت لديهم الثقة بلبنان؟”.

“ليس بالهيركات يكون الحل”، بل هناك لدى الرئيس بري “أمور عدة يمكن اللجوء اليها مع وقف الهدر والاصلاحات، فبالامكان وضع خطة مالية ونقدية لا يمكن لصندوق النقد ان يرفضها، يكون من ضمنها الحسم من الفوائد وضخ سيولة جديدة بعد دمج المصارف. وهذه بالتالي تعيد الثقة وتجعل الخارج ينظر الينا نظرة مختلفة”.

يرى ان الضجة التي اثيرت أخيراً حول التعيينات التي حصلت “محقة” وسببها “عدم تطبيق القانون”، فالتلكؤ في تطبيق القانون “يعطل الاصلاحات والا لماذا هناك 54 قانوناً لم تطبق حتى الآن”، مطلقاً دعوة أن “طبقوا القانون ولا تحصل اي ضجة على الاطلاق”.

ليس لمجلس النواب خطة اقتصادية “وهذا أمر لا يدخل ضمن مهامه لكنه يوافق على أي خطة يجدها مقنعة تعيد تحريك عجلة الاقتصاد وهيكلة الدين العام. المطلوب في النهاية ايجاد حل واضاءة شمعة”.

لا يأخذ الرئيس بري بالعبارات الكبيرة التي تطلق احياناً كالحديث عن نظام ريعي او غير ريعي، ما يهمه هو الوقائع التي يبنى عليها، مستعيناً بالمثل الشعبي القائل: “جدي كان يعدل المايلي. كان يعدلها قبل ما تميل”، فالمسألة ليست في كون الاقتصاد ريعياً او غير ريعي، بل في تحريك العجلة الاقتصادية وإلا لا يمكن ترك البلد على حاله لا سيما مع مجيء “كورونا” وتوقف مصالح الناس حتى قطاع البناء من بينها، وبالتالي لا بد من هيكلة الدين العام”. يرفض بري الحديث عن كون وزير المال غازي وزني محسوباً عليه: “كان خبيراً اقتصادياً تمت تسميته في حكومة اختصاصيين وليس هو من قدم الخطة الاقتصادية ولم يذكر الهيركات في كل اقتراحاته”.

وعما اذا كان لبنان موعوداً فعلاً بمساعدات خارجية، نقل الزوار عنه قوله “المطلوب ان نخطو على المستوى الداخلي خطوات تقنع الخارج والا ستكون المساعدات على ابواب الله”.

يطالب الرئيس بري الحكومة بتحسين ادائها لا سيما وانها “أكثر حكومة تعقد اجتماعات”. ومن يتهمه على انه يرتاح للتعامل مع الرئيس السابق سعد الحريري أكثر من حسان دياب لا يعرف حقيقة علاقته مع رئيس الحكومة الحالي، “كان صديقي منذ كان وزيراً للتربية، علاقتي معه أكثر من جيدة، وحين استشرنا في أمر الحكومة عملت السبعة وذمتها كي تكون هناك حكومة برئاسة دياب لكن ماذا نفعل بهذا البلد؟ يقولون اني اتصلت بسمير جعجع مهنئاً ولم أتصل برئيس الجمهورية العماد ميشال عون وهذا ليس صحيحاً”.

لا يبدي الرئيس بري انزعاجاً من القول انه شريك في المسؤولية عن السياسات المالية وتبريره لذلك يقول: “ان السلطة التشريعية ليست سلطة حكم بل سلطة رقابة والمحاسبة في مجلس النواب في لبنان تأخذ الطابع السريع ويتوقف الامر”، وهو لذلك يكرر قوله: “ان تطبيق القوانين هو الاساس ولو طبقت لما وصلنا الى ما وصلنا اليه، وهو السبيل الوحيد لاستعادة الاموال المنهوبة والمهربة قبل 17تشرين او بعده يجب ان تعاد”، مشيراً الى “وجود قانون لمكافحة الفساد سبق ورده الرئيس عون وقد تمت تسويته ليطرح على جدول اعمال الجلسة”.

يؤيد الرئيس بري موقف مجلس القضاء الاعلى في ما يتعلق بالتشكيلات القضائية “لا يوجد في الموضوع القضائي ثقة او نصف ثقة، عيب كبير ألا تصدر التشكيلات”، مكرراً “ما كنت اقوله عندما كنت وزيراً للعدل اعطوني قاضياً مستقلاً وخذوا دولة”.