IMLebanon

هل يستفيد الاقتصاد اللبناني من خطة لازار؟

كتب د. منير راشد في “الجمهورية”:

إنّ خطة لازار لا تقدّم حلاً للمأزق المالي اللبناني. لقد اعتبرت من دون مبرر انّ 84 مليار دولار من أصول المصارف بما فيها أصول مصرف لبنان هي أصول متعثرة، شاملة سندات الخزينة وديون اليوروبوندز، إضافة الى ديون للقطاع الخاص. واقترحت إلغاء هذا المبلغ مقابل حسم ودائع المودعين بالمبلغ الموازي وما يسمّى «هيركات».

كما اقترحت لازار على الحكومة التوقف عن دفع مستحقات الدين لليوروبوندز (خدمة الدين ورأس المال) من دون مبرر حيث أنّ 85 % من الدين هو في حوزة المصارف اللبنانية، مصرف لبنان، الضمان الاجتماعي والقطاع الخاص اللبناني، وعادة ما يُخدم هذا الدين من خلال إصدار سندات بديلة كما تفعل معظم الدول. والذي لا ريب فيه انّ هذه النصيحة يجب الّا تقدم من جانب من له مصلحة بخَلق أزمة مصطنعة لكي يعالجها.

إنّ خطة لازار تشمل أقساماً عدة، وتبدأ بشرح الوضع الاقتصادي وهذا الشق واضح للجميع:

نمو سالب، بطالة، تضخم، عجز في الحساب الجاري، ونقص بالعملات الأجنبية، وسوف يستمر الوضع على هذه الوتيرة. وبينما بقي سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة للدولار تخطّى السعر الموازي عتبة 3000 ل.ل. للدولار.

إعتمدت لازار على الخطة المالية للدولة، وأهمها:

في الانفاق، خفض دعم الكهرباء والأجور والرواتب، واصلاح مؤسسات القطاع العام والتقديمات العديدة الأخرى. وفي الإيرادات شملت توصيات وزارة المالية أيضاً ومن أهمها: رفع الضرائب على دخل الشركات، وعلى دخل الفوائد، وضريبة الراتب الفردي للدخل المرتفع، ورفع ضريبة القيمة المضافة على السلع الكمالية، ووضع حد أدنى لسعر البنزين 25000 ليرة وضريبة على المازوت لا تتعدى ليرة.

النتيجة: خفض العجز المالي الأولي من عجز بـ – 7.2 % في 2020 الى عجز يوازي 1.3 % في 2024.

أمّا إعادة هيكلة المصارف فاقترنت بخطة لازار مباشرة:

إقترحت لازار إعادة هيكلة الجهاز المصرفي، وهنا اعتمدت على افتراضات غير واقعية. فقد قدّرت لازار خسارة مصرف لبنان بنحو 40.9 مليار دولار من الأصول، ولكن مصرف لبنان لا يعتبرها خسائر كونه مُخوّل بخلق السيولة للمحافظة على الملاءة المالية.

قدرت لازار أيضاً خسارة مصرف لبنان من حيازة سندات الدولة بـ 20.8 مليار دولار من غير ان توضح كيف توصّلت الى هذا الرقم، وما هي الأسباب الداعية لاعتبار سندات تستحق بعد سنوات عدة بِدَين معدوم. فيصبح مجموع الخسائر 61.7 مليار دولار. وتجدر الاشارة الى انّ تعثر الدين البالغ 20.8 مليار دولار نتج عن نصيحة لازار بتخلّي الدولة عن خدمة ديونها بالدولار.

بعد حسم رأس المال، تصبح صافي خسارة مصرف لبنان 53.1 مليار دولار. وقد افترضت لازار انّ هذه الخسارة يجب ان تكون على عاتق المصارف ومن دون سبب وجيه. إضافة الى ذلك، اعتبرت انّ لدى المصارف خسارات أخرى وتبلغ 13.3 مليار دولار من القروض المتعثرة من دون احتساب إمكانية استرجاع اي مبالغ منها، و17.8 مليار دولار متعثرة من سندات الخزينة بالليرة والدولار. فيصبح المجموع 84.1 مليار دولار. وهذه هي التكلفة الكلية بعد دمج خسائر مصرف لبنان من ضمن خسائر البنوك. هنا أيضاً اعتبار الـ 17.8 مليار دولار خسارة يُعزى الى نصيحة لازار بالتوقف عن خدمة الدين السيادي للدولة.

وتقترح لازار أن تغطّى الخسارة من خلال تحويل ودائع الى اسهم بمقدار 20.7 و»هيركات» بمقدار 63.4 مليار دولار من ودائع المودعين المتبقية.

إنّ حسم الودائع له آثار سلبية عدة:

– تقويض الثقة بالمصارف.

– إن أصحاب الودائع هم أيضاً مستهلكون، فالحسم يقلّص الاستهلاك وكذلك الاستثمار والانتاج.

– انّ أصحاب الودائع هم أيضاً مستثمرون، فالحسم يخفض الاستثمار والانتاج والنمو.

 

– الاستثمار الأجنبي ينخفض لفقدان الثقة.

– كذلك التحويلات من المغتربين تنخفض بعامل الثقة.

– كما يؤدي الحسم الى ضعف الاقتصاد، ويخفّض موارد الدولة ويزيد من العجز المالي.

خفض الدين الى 92 %

أمّا خفض الدين فقد استند الى خطة لازار، واعتمدت على إسناد الكلفة على المودعين من خلال اقتطاع المبلغ المقابل من ودائعهم.

تقدّر لازار النتائج كالتالي:

إنّ اقتراح لازار أن تتخلّف الحكومة عن خدمة الدين بالدولار على الفائدة ورأس المال كانت توصية خاطئة وتخدم مصالح معينة بدلاً من خدمة مصالح الدولة اللبنانية، مع العلم انّ معظم الدين بالدولار هو محلّي وخدمة الدين الخارجي لا تزال محدودة. فأصبح من الصعب على الدولة الآن الحصول على تمويل بالدولار من الداخل والخارج. إنّ الحل المقترح من لازار هو حل مُتّسع، ولا يشير الى القدرة على فهم الواقع اللبناني واستيعابه.

ومن الملفت انّ الحل المطروح سيكلّف ما يقارب من 150 % من مجمل الناتج المحلي، أي التكلفة البالغة من خلال حسم الودائع بمقدار 84.1 مليار دولار، وسيبقى النمو سالباً حتى نهاية 2024.

وتشير أرقام لازار الى استمرار ارتفاع عجز الحساب الجاري حتى 2024 ليصل الى 19.2 % من الناتج المحلي، مع العلم انّ الهدف الأساسي هو خفض العجز في هذا الحساب وفي ميزان المدفوعات، وخصوصاً من خلال خفض العجز العام المالي وخفض سعر الصرف. وتقدّر حاجة لبنان للتمويل الخارجي ما يوازي 27 مليار دولار للفترة الممتدة من 2020 الى 2024، وهي أرقام غير متوافرة له من اي جهة.

بينما الدولة تستطيع ان تتبنّى خطة محلية تستند الى خفض العجز المالي كما اقترحت وزارة المال وتحقيق توازن خلال 3 سنوات مع إصلاح قطاع الكهرباء حالاً. كما من الممكن لهذه الخطة ان تستند الى توحيد سعر الصرف على اساس السعر الموازي وتحريره حالاً، وتوطيد الدين السيادي بحوزة القطاع العام، إضافة الى تحرير المعاملات المرتبطة بتمويل الحساب الجاري وخفض الاحتياط الالزامي. ويقدّر انّ العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات سيحقق فائضاً مع حلول 2023 نتيجة سعر الصرف المحرر وترشيد الانفاق. وسيبلغ التمويل التراكمي حتى 2024 فقط 4 مليارات دولار بدلاً من 27 مليار دولار، بحسب خطة لازار الحالية. ومن الممكن تمويله من المصارف والاحتياطيات.